مقالات

سورة البروج وقصة أصحاب الأخدود

توضح لنا آيات سورة “البروج” المباركة حال الناس المؤمنين من النصارى في نجران الذين تمسكوا بدينهم وعقيدتهم مما أغضب أصحاب الأخدود فقاموا بشق الأرض وأشعلوا بداخلها النار ووضعوا المؤمنين بداخلها.

وسورة “البروج” المباركة هي السورة الخامسة والثمانون ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم وهي من السور المكية ولها 22 آية وترتيبها وفق نزول السور على رسول الله(ص) فهي السورة السابعة والعشرون.

وسميت سورة البروج بهذا الاسم لأنّ كلمة البروج وردت في الآية الأولى من هذه السورة حيث تبدأ بقول الله تعالى: (وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ) وكلمة البروج تعني المنازل العالية المعروفة في السماء، حيث أقسم الله بالسماء ذات البروج وفي ذكر ذلك دلالة على قدرة الله وحسن صنعه وعظيم خلقه.

وتبدأ السورة الكريمة بالقسم بالسماء ذات النجوم الهائلة، ومداراتها الضخمة، التي تدور فيها تلك الأفلك، وباليوم العظيم المشهود وهو يوم القيامة، وبالرسل والخلائق على هلاك ودمار المجرمين، الذين طرحوا المؤمنين في النار ليفتنوهم عن دينهم ومِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ هي “افتِتاحُ السُّورةِ بقَسَمِ الله تعالى ببَعضِ مَخلوقاتِه”، و”ذِكرُ خبرِ أصحابِ الأُخْدودِ”، و”وعيدُ الطُّغاةِ الَّذين يَفْتِنونَ المؤمنينَ بعذابِ جهنَّمَ”، و”البِشارةُ بنَعيمِ الجنَّةِ الَّذي يَنتظِرُ المؤمنينَ”، و”التَّلويحُ ببَطشِ الله الشَّديدِ”، و”ذِكرُ بعضِ صِفاتِه تعالى”، و”ضربُ المثَلِ بقَومِ فِرعونَ وبثَمودَ”، وكيفَ كانت عاقِبةُ أمرِهم”، و”التَّنويهُ بشأنِ القرآنِ المَجيدِ”.

وتتحدث الآية الرابعة حتى الثامنة من هذه السورة المباركة عن أصحاب الأخدود حيث يتمثلون بالملك ذو نواس الحميري وهو آخر ملك بني حمير في اليمن، أطلق عليه لقب أصحاب الأخدود بسبب شقهم لخندق ذي حج مستطيل في الأرض ثم قاموا باشعال النار فيه.

وبعد ذلك أقدموا على احضار الناس المؤمنين من النصارى في نجران وهددوهم طالبين منهم التخلي عن دياناتهم واعتناق الديانة اليهودية التي يرأسها الملك وجماعته وكان عقاب كل من يرفض ذلك هو أن يلقي في النار وهكذا كان أصحاب الأخدود يستمتعون بفعلتهم هذه ويفرحون لرؤيتهم المؤمنين يتعذبون في النار حيث يلقون فيها وهم أحياء بعد رفضهم الاذعان واعتناق الديانة اليهودية بالاجبار، وهولاء المؤمنون لم يرتكبوا أي خطأ بحق اليهود وبحق الملك خاصتهم، بل كانت جريمتهم الوحيدة أنهم يؤمنون بالله وحده دون سواه.

وتناولت قصة أصحاب الأخدود قوماً ذنبهم انهم آمنوا بالله وتمسكوا بايمانهم وواجهوا فيه الكفار وتمكنوا من الاعتصام بدينهم ومجابهة الاعداء الذين ما أرادوا الا الاذلال واخضاع المؤمنين والاستهتار بهم وبايمانهم ولكن المؤمنين أبوا الانصياع والتخلي عن ربهم وفضلوا التضحية بنفسهم على الخضوع للكفار.

وبذكر هذا المثال، يدعو الله تعالى المسلمين إلى الصبر والمثابرة ويذكر أن المؤمنين تعرضوا للاضطهاد في الماضي وكان هناك دائماً صراع بين الكفر والإيمان، ويؤكد أن المؤمنين سينتصرون ويدخلون الجنة مكافأة على إيمانهم وعملهم الصالح، وعلى العكس من اضطهد المؤمنين والمؤمنات ولا يتوبون فيدخلون نار الجحيم المشتعلة.

وتشير هذه السورة المباركة الى اللوح المحفوظ قوله تعالى ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾، وتؤكد أن هذا اللوح هو عبارة عن الكتاب الذي كتب الخالق عز وجل فيه مقادير المخلوقات التي خلقها في هذا الكون حيث أنه يتم كتابته قبل أن يخلقهم، وهذا ما أخبر عنه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock