مقالاتمنوعات

العقل أساس الأدب، ولا يقتضي الأدبُ الالتزامَ بالدين بالضرورة

سماحة الشيخ بناهيان

🔰قال أمير المؤمنين(ع): «أَحْسَنُ الْآدَابِ مَا کَفَّكَ عَنِ الْمَحَارِمِ» [غررالحكم/3298] فأولئك الذين هم بصدد ترويج الحجاب في المجتمع، عليهم أن يروا ما هي الآداب التي إن سادت في المجتمع سَهُل الحجاب، بدلا من أن يركّزوا على الحجاب مباشرة ومن دون مقدّمة. فليعزّزوا هذه الآداب. مثلا هناك آداب في العلاقات الأسرية من شأنها أن تعزّز الحجاب، فإن لم نراع هذه الآداب كأحد أركان نمط الحياة، لن يتحسّن الحجاب في المجتمع.

🔰فعلى سبيل المثال: إن أسأن الأمهاتُ الأدبَ مع الآباء في البيت، ولم يتحدّثن معهم باحترام أو تجاسرن عليهم، فإنّ البنت التي تترعرع في هذا البيت يتعسّر عليها الحجاب بعدئذ. هذا هو أحد جذور الاستخفاف بالحجاب وهناك جذور أخرى. وإن أساء الآباء في سلوكهم مع الأمّهات وجانبوا الرأفة معهنّ، ساء خُلق البنين مع البنات في المجتمع. هذه قضايا مرتبطة بنمط الحياة.

🔰ليس الطريق أن تقول: «تحجّبي وإلّا فمصيرك نار جهنّم!» فإن هذا الخطاب لا يخلو من التحكّم! سهّل الحجاب على بنتك عبر نمط الحياة! هذا ما يأمر به الدين. ثمّ لا تختصّ أحكام الدين وأوامره بالشريعة، بل ينطوي الدين على وصايا تنظّم سلوك الناس في الأسرة والمجتمع، من قبيل وجوب احترام الكبار. فقد جاء في الرواية: «الشَّيْخُ فِي أَهْلِهِ كَالنَّبِيِّ فِي أُمَّتِهِ» [روضة الواعظين/ج2/ص476] إن لم نصلح هذا الجانب من نمط سلوكنا، سوف لا نتفهّم الولاء وإطاعة الولي غداً!

🔰لقد كتب الدكتور كاردان في كتابه علم النفس الاجتماعی (روانشناسی اجتماعی): «من أجل أن لا تجتمع المجتمعات الأوروبية مثل الشعب الألماني تحت إمرة قائد واحد، قام الصهاينة بالعمل ضدّ سيادة الأب في الأُسَر. فقد أعدّوا أطروحة وخطّطوا برامج واشتغلوا على خطّتهم هذه سنين» يشرح هذا الكاتب على أساس علم النفس أنه إذا كان الأب محترما في البيت، فإن الولد الذي ينشأ في هذا البيت إذا دخل في المجتمع سيشعر بحاجة إلى قائد!

🔰ولا يخفى عليكم طابور بعض القوانين خلف باب مجلس الشورى الإسلامي، ليُقرّها النوّاب ويُطَبَّق نمط الحياة الذي أعدّه الصهاينة للمجتمعات الأوروبّية في بلدنا أيضا. وبعضها قد أدرجت في وثيقة 2030.

🔰هناك بعض الفوارق بين الأدب ونمط الحياة وبين الأحكام الشرعية أو الأخلاق. فقد تختلف مصاديق الأدب باختلاف المجتمع، ولا ضير في ذلك. وقد يشيع بين قوم «أدبٌ سيء»، بإمكاننا أن نناقشها ونسعى لتركها. مثلا إذا كان «العجب والخيلاء» من تقاليد وعادات قوم، فهي عادة سيئة.

🔰ما هو تعريف الأدب؟ من أفضل الأحاديث في تعريف الأدب هو ما روي عن أمير المؤمنين(ع) حيث قال: «ضَبْطُ النَّفْسِ عِنْدَ الرَّغَبِ وَ الرَّهَبِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَدَبِ» [غرر الحكم/ 5932] فلا تُظهر كلَّ مشاعرك وأحاسيسك. فليست من طبائع الإنسان أن يتحدث بكل ما يشتهي!

🔰اقتراحي لكم ولا سيما للشباب هو أنّه إذا أردتم أن تتدرّبوا على أدبٍ حسن ونمط حياة سليم، نظّموا ساعة استيقاظكم! وابدأوا من بُكرة. كما أقدم اقتراحي إلى مواطنينا المسيحيّين أيضا. وهو أن يستيقظوا من نومهم عند وقت أذان المسلمين بل قبلَه بنصف ساعة. فإن ذلك ضروري لنشاط الإنسان وذكائه وصحّته في يومه.

🔰قال أحد الأطباء المتخصّصين: «المتخصصون في كل العالم يعرفون أن صحّة الجسم في الإبكار». هذه لحقيقة أشار إليها نبي الإسلام(ص) وقد أيدتها العلوم الطبيعية أيضا. ولذلك فحتى أولئك الذين لا يعتقدون بدين الإسلام ينبغي لهم أن يستيقظوا في الأسحار حفاظا على صحّتهم.

🔰ما هي آثار الأدب؟ أحد آثاره كما ذُكر هو سهولة امتثال أحكام الدين. من آثاره الأخرى هو «الرأفة». فإن الأدب غالبا يمنح الإنسان قلبا رؤوفا. والأثر الآخر من آثار الأدب يتجسد في العقل والفهم. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «بِالْأَدَبِ تُشْحَذُ الْفِطَنُ» [غررالحکم/4333]. وبالمناسبة الاختبارات والدراسات التي أجريت في مجال الذكاء العاطفي قد انتهت إلى هذه النتيجة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock