مجتمعمنوعات

كيف أحفظ لساني؟

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أوصني، قال: “احفظ لسانك”، قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصني قال صلى الله عليه وآله وسلم: “احفظ لسانك، ويحك وهل يكبُّ النّاس على مناخرهم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم”[1].

أمام هذه الوصيّة الشريفة على الإنسان أن يجعل الضوابط التالية لحفظ لسانه:

الأوّل: أن يجعله لسان صدق
فإنّ اللسان كذلك يمنح صاحبه السمعة الطيّبة والذكر الحسن، ويدلّ عليه ما جاء في القرآن الكريم في سياق بيان عطاياه ومننه لأنبيائه ورسله فقال: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾[2] ويؤيّده كلام أمير المؤمنين وهو يمتدح صاحب اللسان الصالح: “ألا وإنّ اللسان الصالح يجعله الله تعالى للمرء في النّاس خير له من المال يورثه من لا يحمده”[3].

الثاني: أن يجعله لساناً واحداً
من الضروريّ عندما يحدّث الإنسان عن شيء أو يتحدّث بأمر فليكن الحديث مطابقاً للواقع لأنّه ربّما تحدّث في زمان آخر أو مكان آخر عن نفس الموضوع وأمام بعض من حدّثهم فيختلف كلاماه فيفتضح أمامهم، والطريق الأسلم أنّه إذا أراد الحديث فليكن كلامه كلاماً واحداً وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين بقوله: “واجعلوا اللسان واحداً…. فإنّ هذا اللسان جَموح بصاحبه”[4].

الثالث: أن يجعله في خزانته
كثيراً ما يحرص المرء على ماله ويأبى أن يختزن جواهره إلّا في مكانها المعدّ لها حفظاً من أن تقع تحت أعين الحسّاد. فضلاً عن وقوعها تحت أيدي السارقين. وأيضاً تجده يحمي نفسه من الخطر ويقي جسده من الحرّ والقرّ ولم يفرِّط بأيّ شيء من حواسِّه نعم عندما يصل الأمر إلى اللسان فيفلت له عقاله ليتفوّه بما يشاء كيف يشاء ومتى يشاء، وكأنّ ذلك كلّه مباح له أو مأذون له وكأنّه سوف لن يترك أي آثار لعدم ترتّب الآثار أو مأمون من تعقّب السؤال، يقول الإمام عليّ عليه السلام: “وليخزن الرجل لسانه… والله ما أرى عبداً يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه… فمن استطاع منكم أن يلقى الله تعالى وهو نقيّ الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم فليفعل”[5].

الرابع: أن يجعله وراء قلبه
إنّ النسبة بين الأمام والوراء هو نسبة التضايف كما قرّر في محلّه، فإذا كان الشيء وراء فطبيعيّ أن يكون ما يقابله أمامه والعكس صحيح، وهنا لو قارنّا بين اللسان والقلب بلحاظ الوراء والأمام لكان القلب وراء اللسان تكوينيّاً وأمّا الروايات فأرشدت، ولأمر ضروريّ يتعلّق بحفظ الإنسان من فلتان لسانه، إلى عكس ذلك، بمعنى أنّه إذا أراد الكلام فلا يتكلّم إلّا بعد التفكير والتأمّل والتدبّر فيما يترتّب على كلامه من آثار، فإن كانت مفيدة فليتكلّم وإلّا فليصمت، ومن هنا جعل ميزاناً للتفريق بين العاقل والأحمق وإليه أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: “إنّ لسان المؤمن وراء قلبه وإنّ قلب المنافق وراء لسانه، لأنّ المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره في نفسه فإن كان خيراً أبداه وإن كان شرّاً واراه. وإنّ المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له وماذا عليه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه[6].

وقال عليه السلام: “قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه”[7].

زاد عاشوراء للمحاضر الحسيني، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1]  الكافي، ج2، ص 115.
[2] سورة مريم، الآية 50.
[3] نهج البلاغة، خطبة 120.
[4]  نهج البلاغة، خطبة 176.
[5] نهج البلاغة، خطبة 176.
[6] نهج البلاغة، خطبة 176.
[7] قصار الحكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock