مقالات

عملية البيضاء.. هزيمة مدوية لداعش واندحار للإرهاب الأمريكي

كتب | يوسف نشوان

تستمر الإنجازات العسكرية المذهلة للقوات المسلحة اليمنية، ويستمر الإخفاق للعدوان وأدواته الإرهابية وتأتي عملية البيضاء لتضاف إلى سجل قواتنا المعروف بالتكتيك القتالي النوعي ولكن هذه المرة مع أحد وجوه العدوان الأمريكي على بلادنا هي القاعدة وداعش وتحديدا في البيضاء فما دلالات ذلك؟ وكيف ستكون نتائجه وانعكاساته على مجريات الأحداث في البلد؟

البيضاء وموقعها الاستراتيجي:

كانت البيضاء المنطقة الأولى التي اختيرت عندما قرر الأمريكي وضع موطئ قدم له وإيجاد ذريعة استخباراتية في اليمن متمثلة في الجماعات التكفيرية (القاعدة) وكان ذلك لأسباب ومعطيات وضعها العدو الأمريكي ضمن حساباته الاستخباراتية الدقيقة لغزو اليمن، وتفكيك نسيجة الاجتماعي من الداخل، ومسخ هويته الأصيلة، وزرع ألغام الفتنة في المكان الحساس؛ فالمحافظة ذات الموقع الاستراتيجي تربط الشمال بالجنوب وتتوسط البلد بمحاذاتها لما يقارب الثمان محافظات هي: مأرب وصنعاء وذمار وإب والضالع ولحج وأبين وشبوة، أضف إلى ذلك وعورة الأرض وقسوة الطبيعة في هذه المنطقة إلى جانب النمو المذهبي الذي بدأ ينتشر بصبغة الفكر الوهابي في تلك المناطق ليجعل من المنطقة أكبر وكر للقاعدة في جزيرة العرب.

القاعدة وممولها الرئيس:

الجميع يعرف بما لا يدع مجالا للشك بأن الإدارة الأمريكية هي من أنشأت القاعدة خلال فترة من الزمن كأداة وهابية وذلك لاستخدامها لمواجهة الاتحاد السوفييتي آنذاك، وكان ذلك بتمويل سعودي وفتوى وهابية وجهود أمريكية، ولا أدل على ذلك من اعتراف الأمريكيين أنفسهم بذلك، وليس بخاف في هذه الجزئية تصريحات هيلاري كلينتون ومذكرات ويليام كيسي المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التي اغتيل بسببها كي لا تنشر، وغيرهما الكثير من المسؤولين الأمريكان الذين تحدثوا عن دعم واشنطن لهذه الجماعات ودورها الكبير في تنشئتها ورعايتها كي يحققوا من وراء ذلك مطامح وأهداف سياسية في المنطقة والعالم، كانت آنذاك ولازالت إلى اليوم.

ولا ننسى هنا الدور السعودي المتمثل في التيار الوهابي الذي جند وعسكر الشباب لينضووا تحت لواء القاعدة، وأذكر القارئ الكريم بدور السعودية هنا، وكيف أن أغلب عناصر القاعدة كانوا من السعوديين في أفغانستان والعراق ومصر وسوريا، وكذلك في اليمن؛ فمن اقتحم مجمع العرضي “وزارة الدفاع” بصنعاء عام 2013م بتلك الوحشية هم ثمانية سعوديين بالتنسيق مع السفارة السعودية بصنعاء وبعض قيادات الجيش اليمني.

القاعدة.. وثورة الـ21 من سبتمبر:

خلال العام 2013م سيطرت القاعدة وداعش على كامل البيضاء بإدارات الأمن والمحاكم وكل مؤسسات الدولة وكان ذلك مع تواجد للمؤسسة العسكرية آنذاك حيث أصبح الجندي لا يأمن على نفسه إن خرج من المعسكر من سكاكين الدواعش الذي تمكنوا هناك بفعل تواطئ قيادات كبيرة في الدولة كبيرة نسقت لانسحابات معينة وتعدى الأمر ذلك لتجعل من الجيش فريسة سهلة للقاعدة تهجم عليه إلى معسكراته وتذبح وتسحل منتسبيها دون إبداء أي مقاومة تذكر.

عندما انتصرت ثورة ال21 من سبتمبر 2014م توجهت إلى مختلف المحافظات لإسقاط مشروع العدوان وقتها والذي كان يهدف لإسقاط بعض المحافظات بيد القاعدة وإحالة أمر مواجهة الجيش واللجان إلى العناصر التكفيرية التي رأوا فيها خير من يقوم بهذه المهمة ولكن ذكاء الاستخبارات لطلائع الثورة السبتمبرية كان أسبق من ذلك وفضح ذلك المشروع وتوجه الأبطال لتطهير البيضاء وحينما طهرت رداع ومدينة البيضاء وبعض مناطق قيفة من الجماعات التكفيرية بدأ العدوان الأمريكي السعودي ليفتح المجال لهذه العناصر الإجرامية لتستقر في مناطق من قيفة تعد وتدرب وتجهز لمواجهة الجيش واللجان الشعبية وتضاف كجبهة متقدمة للعدوان الأمريكي السعودي الذي دعمها بكل الإمكانيات ووفر لها كل الظروف الملائمة لتقوم بهذه المهمة فكانت طيلة تلك الفترة بؤرة لاستقطاب التكفيريين من القاعدة وداعش من مختلف الجنسيات وشكلت أهم معقل للإرهابيين في الجزيرة العربية.

العملية أهميتها وثمارها الاستراتيجية عسكريا وأمنيا وسياسيا واجتماعيا:

العملية من الناحية العسكرية مهمة واستراتيجية وناجحة وذات أبعاد متعددة من ناحية التوقيت وحجم المساحة المحررة والعتاد المضبوط وكذا الخسائر البشرية من الطرف الآخر.

فمن ناحية: سقط العشرات بين قتيل وجريح وأسير بينهم أهم القيادات لهذه العناصر على مستوى الجزيرة العربية منهم أبو حفص الباكستاني وأبو التركي وغيرهم من أمهر القناصين والمدربين وكذلك خبراء المتفجرات وصناعة الأحزمة الناسفة وممتهني الذبح منهم من كانوا يهددون أبناء الجيش واللجان الشعبية بالذبح وأصبحوا الآن في قبضتهم.

تحرير مساحة قدرت ب1000 كيلو مربع في منطقة تعتبر من أشد المناطق قساوة ووعورة في ظل ظروف طبيعية وعرة وبيئة جبلية محصنة تخدم العناصر التكفيرية وكل ذلك قابله سقوط وتهاوي لهذه

المواقع أمام الضربات القوية للجيش واللجان.

التقدم في هذا التوقيت بهذه العملية يضيق الخناق أكثر على المرتزقة في مأرب ويفتح المجال أمام القوات المسلحة للتوغل أكثر في بعض مديريات مأرب والتي خرج أبناؤها للترحيب واستقبال أبطال القوات المسلحة اليمنية في المناطق التي تم الوصول إليها من مديريات ماهلية والرحبة.

وهي – إلى جانب أنها شكلت خطوة مهمة في طريق تطهير الوطن من الاحتلال وعناصر التكفير- مثلت ضربة قاضية لمشاريع الأمريكان في اليمن وبتر لأهم أداة يستخدمها الأمريكي وقد يلجأ إليها في أي سيناريو قادم يعد له لينتهك سيادة اليمن.

المؤازرة الشعبية من قبل القبائل هناك يدل على حنكة وخبرة للجيش واللجان من الناحية الاجتماعية بعد أن كان العدو يستقطبهم ويجندهم لخدمته حيث استطاعت قواتنا احتواء مواقف القبائل التي ضاقت من تصرفات القاعدة وداعش ووظفته بشكل صحيح أجهض مشروعا كبيرا للعدوان إذ أن أبناء تلك المناطق عانوا معاناة شديدة في ظل وجود تلك العناصر الإجرامية التي هجرت بعض سكان القرى لتؤسس معسكرات تدريب لها تجلب إليها الأجانب من شتى البلدان وكذلك مضايقة الأهالي بفرض شروط معينة وتبديع عاداتهم وتقاليدهم حتى على مستوى الحلاقات وبعض الأكلات، وملاحقة من يخالف ذلك إلى بيوتهم.

فضحت المواجهات الإدارة الأمريكية وحلفاءها “الإمارات والسعودية” الذين يدعون مواجهة القاعدة وداعش في حين أنهم من أنشأهم ويمولهم ويستخدمونهم كأداة لتنفيذ ما يريدون من مؤامرات وأكبر شاهد على ذلك هو تحرك الطائرات الأمريكية لمساندة القاعدة وداعش في هذه العملية فحينما تحرك الجيش اليمني واللجان الشعبية مؤخرا رأينا كيف ساند طيران تحالف العدوان تلك العناصر التي ولت مذعورة شارده ولم تفلح تلك الغارات في وقف تقدم الجيش واللجان الذين أصبحت الغارات الجوية لا تشكل أي إعاقة لهم في عملياتهم العسكرية.

أخيرًا:

هذا الانتصار في مثل ظروف صعبة جدا وتحديات كبرى يجعل من الجيش واللجان أسطورة في التكتيك والصمود وإدارة المعركة بجدارة وتفوق عسكري واستخباراتي مميز ليشكل الجيش واللجان الضمانة الحقيقية لأبناء الشعب اليمني تجاه حفظ الأمن والاستقرار وتحرير اليمن والوقوف أمام مشاريع العدوان التمزيقية والإجرامية.

المهم هنا والأهم بعد كل ذلك هو أن الانتصار هنا هو انتصار على الإدارة الأمريكية بعينها ويأتي بعد ذلك أذنابها العربان وهو استباق لمخططات الاستخبارات الأمريكية التي أبقت القاعدة في اليمن كي تضل قميص عثمان أو قل شماعتها التي تبرر لها التدخل وغزو البلد وتنفيذ أجندتها الاستعمارية فيه.

وكل هذا يؤكد أن القوات المسلحة اليمنية أضحت رقماً صعباً وقوةً ضاربةً لا يستهان بها في معادلة المواجهة مع العدو المتهالك، ومبشرا بنتيجة خلاصتها تبوح بمزيد من المفاجآت العسكرية في طريق تطهير الأراضي اليمنية المحتلة من دنس الغزاة والمحتلين ومن نصر إلى نصر بإذن الله تعالى.

عاش اليمن حرا عزيزا مستقلا ولا نامت أعين المرتزقة والعملاء المنافقين والتحية لكل حر يواجه العدوان على وطننا الغالي والشفاء لجرحانا والخلود لشهدائنا والفرج لأسرانا والعاقبة للمتقين؛؛؛

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock