مقالات

ملحمة كربلاء مدرسة لكل الأحرار

بشرى الشامي

للحديث عن ماحصل في كربلاء وتفاصيلها، وما حصل لسيد الشهداء عليه السلام، كلام يضيق نطاق البحث عنه في عدة سطور.
فالحديث عن مدرسة كربلاء،
هو حديث عن السيرة الأخلاقية التي عكست سمو نفس الإمام الحسين وتربيته في حجر جده محمد صلى الله عليه وآله، وأبيه علي عليه السلام،
وتجسيده للقرأن الكريم في عمله وأخلاقه.

الحديث عن سيد الشهداء هو حديث عن شخصية عظيمة من أعظم عمالقة العظماء الذين تجسدت خصالهم الكريمة وسجاياهم السامية في مختلف الميادين والمواقف في ثورة الطف،
منها رفضه القاطع مبايعة المجرم الفاسق يزيد بن معاوية لعنه الله،
فخرج من المدينة وامتنع عن مبايعته حتّى في أقسى الظروف التي مرّت به في كربلاء من حصار وعطش ومختلف التحدّيات،
بل أستقبل الموت بـ عزّة وشموخ.

الحديث عنه هو حديث عن أبرز المفاهيم والدروس المستقاة من واقعة الطف، من إيثار وفداء، وبذل المال والنفس والنفيس فداءًاً في سبيل الدين.
والإقدام على منازلة الخصوم وعدم تهيب المخاطر، واقتحام الخطوب، والإندفاع والحماس المنقطعيّ النظير الذي جسدوه في سوح الوغى، والتسابق على بذل الأرواح رخيصةً فداءاً للدين والمبادئ.

رسمت ملحمة كربلاء، منذ إنطلاقتها وحتّى مراحلها الأخيرة، مشاهد تتجسد فيها معالم الشجاعة والإقدام بشتّى صورهما،
وتعتبر من المعالم الأخلاقية والنفسيّة البارزة، ومن الشهامة والمرؤة التي تجسّدت في ملحمة عاشوراء.
وهذه النفسّية التي تجعل الإنسان يشمئز من الطغاة، ويرفض الإنصياع لسلطان الظلم، ويحبّ الحرية والفضيلة، ويتجنب الغدر ونقض العهد وظلم الضعفاء. فيدافع عنهم، ولا يتعرض للأبرياء، ويقبل العذر، ويقيل العثرة، ويعترف بالحقّ الإنساني للآخرين.

الحديث عن واقعة كربلاء هو درس من أعظم دروس العزّة ورفض الذّل،
ومن أهم الدروس الأخلاقية التي ميّزت نهضة كربلاء، ومن أوليات ثقافة عاشوراء.
قال الحسين عليه السلام:
{ موت في عزّ خيرٌ من حياة ذلّ}

لقد كانت نهضة كربلاء درساً عمليّاً من دروس العزّة والكرامة ورفض الذلّ، واستلهم الثوّار منها روح المقاومة والتحرّر،
وكانت كلّ لحظة من وقائع الملحمة تعبيراً عن المقاومة والثبات،
وحتى الكلمات الأخيرة التي تلفّظ بها سيّد الشهداء حين سقط على الأرض إنما تعكس هذه الروح من الصبر والصمود، إذ قال مخاطباً ربّه:
{ صبراً على قضائك، ولا معبود سواك، ياغياث المستغيثين}.

صفوة القول وصفت ثورة الحسين عليه السلام بأنّها قامت على أساس الأخلاق والمروءة.
وكانت جهاداً للقضاء على الرذيلة ونشر الفضيلة.
وكانت تنتهج الأسلوب الشريف عند مواجهة الخصم، وتحلّى أفرادها بالغيرة والشجاعة والتضحية، والصبر عند الشدائد، والثبات على طريق الحق.

أجل..
إن واقعة كربلاء مدرسة كل الأحرار…
فهي واقعة الأحرار الذين أختبر أبو عبدالله الحسين نياتهم فوجدهم أأنس بالموت بين يديه من الرضيع بلبن أمه. فكان بينهم شيخ القراء، وكبير العشيرة، وفتيةٌ أمنوا بربهم، وصمدوا على بيعة إمامهم .. فكانت لهم الجنة.

فـ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللّهِ الحسين
وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنآئِكَ
عَلَيْكُم مِنّى سَلاَمُ اللَّهِ آبٓداً ما بَقينا وَبَقِىَ اللَّيْلُ وٓالنَّهارُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock