مجتمعمقالات

الإستقلال الإجتماعي للمرأة

الاستقلال في تقرير المصير:
جاء في المرسل عن إبن عبّاس (رضي الله عنه) أنّ جارية بكراً جاءت النبي (صلّى الله عليه وآله) فقالت: (إنّ أبي زوّجني من إبن أخ له ليرفع خسيسته وأنا له كارهة.

– أجيزي ما صنع أبوك.
– لا رغبة لي فيما صنع أبي.
– فاذهبي فانكحي مَن شئت.
– لا رغبة لي عن ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء في أُمور بناتهم شيء).

📚أورد هذه الرواية الشهيد الثاني في المسالك، وصاحب الجواهر في جواهر الكلام (1) ، وغيرهم من الفقهاء نقلاً عن العامّة.

♦️في الجاهلية العربية – كما في الجاهلية غير العربية – كان الآباء يعطون لأنفسهم الولاية المطلقة على البنات والأخوات، وحتى الأُمّهات في بعض الأحيان، ولا يعترفون لهنّ بأيّ حق في اختيار الزوج، وهذا الاختيار – في تصوّرهم – حق مطلق للأب أو الأخ وعند عدم وجودهما، فالولاية للعم، وقد بلغت الولاية على النساء في التزويج إلى حدّ أنّ بعض الآباء كانوا يزوّجون بناتهم قبل ولادتهن! فإذا وُلدت البنت وجدت مَن ينتظرها ليأخذها زوجة له بعد أن تكبر.

⭕️التزويج قبل الولادة:
في آخر حجّة حجّها رسول الله وبينما كان راكباً وبيده سوط اعترض طريقه رجل وقال له:

– أشكو إليك يا رسول الله.
– قل
– قبل سنوات وفي الجاهلية اشتركت مع طارق بن مرقع في أحدى المعارك فاحتاج طارق في أثناء القتال إلى سهم فنادى: مَن يعطيني سهماً ويأخذ أجره؟ فتقدّمت منه وقلت له: وما أجره؟ قال: أعدك أن أعطيك أول فتاة تولد، فقبلت وأعطيته السهم. ومرت الأيام والسنون حتى علمت أخيراً أنّ في بيته فتاة ناضجة، فذهبت إليه وذكرته بالقضية وطالبته بالوفاء بالوعد الذي قطعه، لكنّه نكص وأخذ يتذرّع بالحجج وطالبني بمهر وقد جئتك يا رسول الله لأرى هل الحق معه أم معي؟

– وما عمر الفتاة ؟
– إنّها كبيرة، وقد ابيض بعض شعر رأسها.
– ليس الحق معك ولا مع طارق، انصرف إلى عملك وخلّ سبيل هذه الفتاة المسكينة.

🤔تحيّر الرجل وبقي ينظر إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهو غارق في التفكير في أنّه أي حكم جائر هذا الذي أصدره الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟… أليست للآباء ولاية على بناتهم؟ ولماذا يحق للأب أن يأخذ مهراً جديداً ويعطي ابنته برضاه؟

🌻لكنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) أدرك من نظراته الحائرة ما يدور في ذهنه فقال له: (اعلم أنّك إن اتبعت قولي لن تأثم أنت ولن يأثم رفيقك طارق).

⭕️مبادلة البنات:
أمّا نكاح الشغار فقد كان مظهراً آخر من مظاهر الولاية المطلقة للآباء على بناتهم، ونكاح الشغار هو مبادلة البنات؛ وذلك بأن يتفق رجلان على أن يزوّج كل منهما ابنته للآخر، وتكون كل منهما مهراً بالنسبة للأُخرى، لقد حرّم الإسلام هذا النوع من الزواج واعتبره باطلاً.

🎀الرسول (صلّى الله عليه وآله)، منح ابنته الزهراء حرّية اختيار الزوج:

لقد زوّج الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) عدداً من بناته دون أن يصادر حقّهن في الاختيار، وعندما خطب علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزهراء (عليها السلام) من أبيها قال له الرسول (صلّى الله عليه وآله) إنّ رجالاً آخرين كانوا قد طلبوا يدها، وأنّه (صلّى الله عليه وآله) سوف يأخذ رأيها في الخاطب الجديد.

🌷وذهب الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى ابنته الزهراء وأطلعها على الموضوع، بيد أنّ الزهراء لم تعرض هذه المرّة كما كانت تفعل من قبل بل عبّرت عن رضاها بسكوتها فخرج الرسول (صلّى الله عليه وآله) من عندها وهو يكبّر.

1ـ جواهر الكلام، ج29، ص177، عن سنن ابن ماجه، ج1، ص: 578.

📕المصدر: نظام حقوق المرأة في الاسلام/الشهيد الشيخ مرتضى مطهري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock