دينية

السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس

يحي السنوار

يحيى إبراهيم السنوار قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورئيس للمكتب السياسي للحركة خلفاً للراحل إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران. كان يشغل رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة منذ عام 2017، ويعتبر أحد مؤسسي الجهاز الأمني لحركة حماس (مجد) المخول بملاحقة جواسيس الاحتلال الإسرائيلي عام 1985.

وُلد في 1962 في مخيم خان يونس، وتعود جذوره الأصلية إلى مجدل عسقلان، نال درجة البكالوريوس في اللغة العربية، حيث عمل في مجلس الطلاب خمس سنوات، فكان أميناً للجنة الفنية، واللجنة الرياضية، ونائباً للرئيس، ثم رئيساً للمجلس ثم نائباً للرئيس مرة أخرى.

اعتقل عدة مرات بسبب أنشطته العسكرية، حيث كانت أول عملية اعتقال له عام 1982، وأبقته قوات الاحتلال الإسرائيلي رهن الاعتقال الإداري أربعة أشهر.

في 1985 اعتقل مجددا ثمانية أشهر بعد اتهامه بإنشاء جهاز الأمن الخاص بحركة حماس الذي عرف باسم “مجد”

في عام 1988، اعتقل السنوار مجدداً وصدر عليه حكم بالسجن أربع مؤبدات. استغل يحيى السنوار الوقت الذي أمضاه في سجون الاحتلال لتعلّم العبرية، ومتابعة الإعلام الإسرائيلي، وقراءة جميع الكتب التي صدرت عن شخصياتٍ إسرائيليةٍ بارزة، مثل مناحم بيغن وإسحق رابين، بحسب “فايننشنال تايمز”.  وهو ما انعكس كثيراً على أسلوبه وتعاطيه مع الاحتلال.

وبعد الإفرج عن السنوار عام 2011 خلال صفقة “وفاء الأحرار”، حيث تم إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، عاد إلى مكانه قيادياً بارزاً في حركة حماس ومن أعضاء مكتبها السياسي، وقد شغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي لحماس وقيادة كتائب عز الدين القسام، بصفته “ممثلا للكتائب” في المكتب السياسي لحماس. وكان السنوار قد قام -عقب انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014- بإجراء تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.

في العام 2015 عينت حركة حماس السنوار مسؤولا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها وقيادة أي مفاوضات تتعلق بشأنهم مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم اختياره من قبل قيادة القسام لهذا الملف لثقتها به خاصةً أنه من القيادات المعروف عنها عناده وصلابته وشدته وهو ما أظهره خلال الاتصالات التي كانت تجري لمحاولة التوصل لتهدئة إبان الحرب.

كما يعرف عن السنوار أنه ذو شخصية أمنية كبيرة ولا يظهر على العلن إلا نادراً جداً، كما أنه يمتلك شخصية وكاريزما كبيرة ومتشدد في مواقفه.

السنوار والمقاومة:

رأى القيادي الفلسطيني يحيى السنوار أن كسر الاحتلال لن يتم إلا بالقضاء على جميع أدواته، وأولى هذه الأدوات هو خنجر العملاء المسموم الذي يخترق النسيج الفلسطيني. واقترح السنوار على الشيخ “أحمد ياسين” بعض الأفكار التي من شأنها تعزيز الجانب الأمني للمقاومة، وأبرزها تأسيس جهاز الأمن والدعوة “مجد”، الذي تولَّى الملفات الأمنية الداخلية. وتمكَّن السنوار حينها من قيادة مجموعة من الكوادر الأمنية وتتبُّع عدد من العملاء الذين عملوا لصالح الاحتلال. وبمرور الوقت، أضحت “مجد” نواة أولى لتأسيس النظام الأمني الداخلي لحماس عام 1985، وصار دورها بجانب إجراء التحقيقات مع عملاء إسرائيل هو اقتفاء آثار ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية نفسها.

وأدرجت الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2015 اسم السنوار على لائحتها السوداء “للإرهابيين الدوليين”، إلى جانب قياديين اثنين آخرين من حركة حماس هما القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وعضو المكتب السياسي روحي مشتهى. في 13 فبراير/شباط 2017، انتخب يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، فيما اختير خليل الحية نائبًا له. وجاء اختيار السنوار رئيساً لحماس في غزة بانتخابات داخلية للحركة أجريت على مستوى مناطق القطاع المختلفة.

أشار موقع “راديو فرنسا الدولي” إلى أن السنوار كان المهندس الحقيقي للمفاوضات التي شهدتها القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2017 الرامية إلى إعادة تفعيل ملف المصالحة الفلسطينية. كما نقل المصدر نفسه عن محللين قولهم إن ثِقَل السنوار داخل حماس، ومكانته المهمة التي وضعته ضمن الشخصيات الأبرز في الحركة، يعطيانه جانباً كبيراً من الحرية ليقود دفة سياسة المقاومة نحو مناطق معيَّنة، لم تكن القيادة السابقة قادرة على المجازفة بالوصول إليها، بحسب وصفهم.

بدأت خطوات السنوار تلك تجاه فتح تؤتي أُكُلها جزئياً في الوقت ذاته، فقد أشادت بعض قيادات فتح بالسنوار واعتبرته مجاهداً عنيداً وصادقاً مع شعبه وقضيته، إذ أعرب “رأفت عليان” القيادي في حركة فتح عن فخره بما قامت به الفصائل في غزة في الحرب الأخيرة مع الكيان عام 2021، بعد أن تمكَّنت من إثبات قدرتها على الردِّ بقوة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على القدس.

وقد ظهرت حِدَّة مواقف السنوار بوضوح في خطاباته التي هاجم فيها سلطات الاحتلال وحذر من “حرب دينية” كبرى في المنطقة في حال تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية واستمر الصمت الدولي تجاه التجاوزات الصهيونية في القدس المحتلة. لم يقف تصعيد السنوار عند هذا الحدِّ، بل تجاوزه إلى التهديد بزوال الكيان.

يحيى السنوار من منظور الكيان الإسرائيلي:

يعتبر الكيان الإسرائيلي يحيى السنوار، العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر، وهو على رأس قائمتِها للمستهدفين في حركة حماس. يصفونه بالرجل الميت، ويشبهه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ “هتلر الصغير”. وتصِفُه قيادات الاحتلال بالعنيد ورئيس جناح الصقور في حماس و”جزّار خان يونس”.

اعتقدت الاستخبارات الإسرائيلية في عام 2011 أثناء صفقة تبادل الأسرى مع الجندي شاليط أن يحيى السنوار لم يعد يشكل تهديداً باعتبارِه قضى نحو 23 عاما في السجونِ الإسرائيلية، وربما يتفرغ لكتابة مذكراتِه، وفقا لصحيفة “غلوبز” الإسرائيلية.

واعترف ضباط مخابرات إسرائيليون سابقون وحاليون بقراءةِ السنوار بشكلٍ خاطئ، حيث أعطى انطباعًا بأنه لا يرغب في القتال ضد الكيان، وأن حماس مهتمة فقط بضمانِ حصولِ العمالِ في غزة على تصاريح العملِ الإسرائيلية والمزيدِ من الحوافز الاقتصادية. وأشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” في تقرير إلى أن “القراءة الخاطئة لشخصية السنوار شكلت مقدمة لأكبر فشل استخباراتي لإسرائيل”.

وكان لدى الكيان ما يقرب من 40 عاماً من الخبرة في التعامل مع السنوار، ومع ذلك، فإن هذه المعرفة المتراكمة في السنوات الأخيرة، ربما كانت سبباً لتهدئة مخاوف قادة الأمن في الكيان، ودفعهم إلى الشعور الزائف بالرضا عن النفس، وفقاً للصحيفة البريطانية.

وقال كوبي مايكل، الباحث البارز بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، لشبكة فوكس نيوز: “كان السنوار نشطاً منذ الأيام الأولى لانضمامه إلى حركة حماس”، “وفي السجن أصبح زعيماً بارزاً لأسرى حماس، وكان شخصية مؤثرة جداً بين جميع السجناء الفلسطينيين”.

ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن ميكا كوبي، الذي استجوب السنوار في جهاز “الشاباك” قوله: “لقد قرأ كتباً عن شخصيات إسرائيلية، مثل فلاديمير جابوتنسكي، ومناحم بيجن، ويتسحاق رابين”، مضيفاً: “لقد قام بدراستنا من الأسفل إلى الأعلى”.

وفي تصريحات نقلتها “فوكس نيوز”، اعتبر مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز ديان بجامعة تل أبيب، أن السنوار يمثل الجيل الثاني من قادة “حماس”، وقال إن “لديه القدرة على قيادة الحركة بأكملها، وليس فقط شؤونها في غزة”. وقال ميلشتاين: “يتمتع السنوار بشخصية كاريزمية للغاية”، مضيفاً أنه أيضاً “أكثر تشدداً وتطرفاً من قادة حماس السابقين”.

وفيما يتعلق بملامح شخصية السنوار، أشار تقييم استخباراتي إسرائيلي أُنجز خلال فترة وجود السنوار في السجن، إلى أنه كان “قاسياً، وموثوقاً، ومؤثراً ومقبولاً من قبل أصدقائه، ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والمكر والتلاعب، ويحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين”، حسب ما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.

وقد نشر معهد السياسات والإستراتيجية الإسرائيلية التابع لمركز “هرتسيليا” تقريراً حول شخصية السنوار اعتبر فيه أن الأخير يُغيِّر قواعد اللعبة مع الكيان، وقال إنه لا يمكن قراءة سلوك السنوار في إطار انعدام العقلانية أو الابتعاد عن الواقع، فهو يعمل ضمن خيارات واعية ويُقيِّم تحرُّكاته على أساس التجربة ونتائجها الخاطئة والصحيحة.

يحيى السنوار وطوفان الأقصى

ذكر موقع “ميديا بارت” الفرنسي إن رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار أصبح منذ يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول كابوس الحكومة الإسرائيلية، لأنه مدبر عملية طوفان الأقصى التي جرت تحت رادار أجهزة الاستخبارات والحماية التي يفترض أنها الأفضل في العالم.

يقول جوزيف كونفافرو في تقريره للموقع- أن السنوار الذي قدمه المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون وحماس على أنه “براغماتي” عندما تولى السلطة، وهو رجل كان من المفترض أن يكون في السجون الإسرائيلية، بعد أن حكمت عليه محكمة إسرائيلية عام 1988 بالسجن المؤبد.

والدهشة الحالية في إسرائيل تنبع من هذه النقطة، حيث يوجد ما يقرب من 100 محتجز في غزة اليوم، ومصيرهم معلق بقرار من رجل حماس القوي الذي أطلق سراحه عام 2011 كجزء من عملية تبادل “السجناء بالرهائن”، وعنصر الدهشة الآخر يأتي من كون السنوار منذ توليه قيادة حماس في غزة عام 2017، بدا أنه يلعب الدور الذي توقعه الإسرائيليون منه بشكل غير رسمي، كالتفاوض مع الجار المصري والتعاقد من الباطن مع حركة الجهاد الإسلامي إضافة إلى السيطرة على منطقة يفتقر السكان فيها إلى كل شيء.

ومع ذلك، كان هذا الرجل -كما يقول الكاتب- هو الذي افتتح شكلاً من أشكال المواجهة مع إسرائيل بدا أن كثيرين يعتبرونه مستحيلاً، لدرجة أن سادت فكرة مفادها أن العمل الفلسطيني لم يعد ممكناً، بسبب عدم تناسب القوى، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي.

حماس حركة وطنية فلسطينية مقاومة، تعمل مع شعبها في الداخل والخارج، ومع مجموع القوى والفصائل الوطنية الإسلامية على مقاومة الاحتلال الصهيوني، وتحرير الأرض والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وهي حركة مؤسسية شاملة، تمثل مقاومة الاحتلال عمودها الفقري ومشروعها الإستراتيجي، ذات فكر إسلامي وسطي معتدل، وتعمل كذلك في مختلف الميادين: السياسية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية والجماهيرية والاجتماعية والإغاثية والتعليمية ، وتعتبر كتائب القسام الجناح العسكري لحماس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock