هــل إيــران مـرْدَوعَــةٌ بـالـفـعـل؟!

صالح الصيرفي
لا شكَّ أن العدوانَ الحربيَّ والأمنيَّ الصهيونيَّ الأمريكيَّ الناتويَّ، الذي حدث فجر اليوم وما زال متواصل حتى ساعة كتابة هذه الأسطر ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، يُجَسِّدُ عمليةً عسكريةً كُبْرَى نُسِجَتْ بخداعٍ ومَكْرٍ تَزُولُ منه الجبالُ، وبِذَكاءٍ وَدَهَاءٍ سياسيٍّ وإعلاميٍّ وأمنيٍّ وعسكريٍّ غيرِ مسبوقٍ. كما أَثْبَتَ هذا العدوانُ التفوقَ التكنولوجيَّ الذي شَلَّ وَيُعَطِّلُ إلى هذه الساعة منظومةَ الرادار والدفاع الجويِّ والصاروخيِّ الإيراني، فضلًا عن الاختراق الأمنيِّ الميدانيِّ الواسعِ الذي لا يزال يعملُ في تقديم الدعمِ اللوجستيِّ والمعلوماتيِّ للعدو.
ومن هنا، يُخْطِئُ مَن يظنُّ أن الهجومَ الصهيونيَّ الصهيوني الإسرائيليَّ الأمريكيَّ الناتويَّ المُتواصلَ ضد إيرانَ هجومٌ عابرٌ أو مؤقتٌ، بل هو إعلانُ حربٍ واضحٍ لا يقبلُ الشكَّ ولا التأويلَ أو الجدلَ على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وانطلاقًا من جسامة هذا الحدث، فقد آنَ الأوانُ للقياداتِ السياسيةِ والعسكريةِ والأمنيةِ الإيرانيةِ أن تتوقفَ عن تراكُمِ الأخطاءِ في مسلسل الصراع والردعِ الاستراتيجيِّ والتكتيكيِّ، وعن دعواتِ التريثِ والتسويفِ غير المبررِ فيي الرد على العدوان الصهيوني الأمريكي الإسرائيلي الناتوي، وأن تُسْرِعَ باستعادةِ زمامِ المبادرةِ قبل فواتِ الأوان.
كما يجبُ ألّا تكررَ خطأَ حزبِ اللهِ اللبنانيِّ بعد هجومِ “البيجر”، الذي ضيَّعَ فرصةً ذهبيةً ومصيريةً بعدمِ الردِّ الفوريِّ على إعلان الكيانِ الصهيونيِّ الحرب ضد حزب الله وتدميرِ منشآت الكيان الصهيوني الأمنيةِ والعسكريةِ والاقتصاديةِ، والتي هَدَّدَ بتدميرها السيدُ الأقدس حسن نصر الله (قدس سره) في أحد خطاباتِ دعمِ وإسناد غزةَ، مُؤَكِّدًا أن تدميرَها “لا يستغرقُ ساعةً أو ساعتين!”
إننا اليومَ أيضاً أمام سيناريو يُشبهُ الحربَ الروسيةَ الأوكرانيةَ الناتويةَ، يُعادُ تطبيقهُ ضد الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ، التي باتت في موقفٍ لا تُحسَدُ عليه. وهي الآنَ أمام مفترقِ طُرُقٍ لا ثالثَ لهما:
إمَّا قلبُ الطاولةِ على الجميعِ دون استثناءٍ، وخوضُ حربِ استنزافٍ طويلةِ الأمدِ ضد الكيانِ الصهيونيِّ والأمريكيِّ والناتوِ وحلفائهم وعملائهم في المنطقةِ والداخلِ الإيرانيٍّ — وهي قادرةٌ على ذلك. فإيرانُ، بقيادتها الروحيةِ والسياسيةِ الشجاعةِ، وقاعدتها الشعبيةِ، وقدراتها العسكريةِ الاستراتيجيةِ والتكتيكيةِ، ما زالت غيرَ مرْدَوعَةٍ، وتملكُ العديدَ من أوراقِ القوةِ العسكريةِ والأمنيةِ والسياسيةِ والدبلوماسيةِ، وهي لاتعدم الوسيلة، ولن يعتريها الترددَ في استخدامها ضد أعدائها بِحَسَبِ ما تقتضيه المواجهةُ.
وإمَّا الدخولُ في اتفاقٍ لِفَكِّ الاشتباكِ ووقفِ إطلاقِ النارِ، والعودةُ إلى حالةِ “لا سلمَ ولا حربَ” مع الكيانِ الصهيونيِّ، ريثما التمكن من مواجهة التفوق التكنولوجي بقوة وإقتدار دونَ رضوخٍ لِخُنوعٍ أو استسلامٍ، أو تقديمِ أيِّ تنازلاتٍ أو شروطٍ. وإنْ رفض الأعداءُ ذلك، فلا مفرَّ من خيارِ الحربِ.
واللهُ تعالى لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ بنَصْرِ المؤمنينَ وَرَدْعِ الباغينَ، وَرَدِّ الظالمينَ وَقَهْرِ الجبَّارينَ والمستكبرينَ.