إن للمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان دورٌ جُلل في تشكيل قيم ومبادئ وأخلاق الشخص، فالفرد يولد وينشأ ويترعرع معتاداً على تربية وثقافة مجتمعه وإن كانت خاطئة ، وكما هو متعارف في المجتمعات الغربية بالانفتاح الامشروع وأفعال لا تنسجم مع قيمنا الإسلامية ، وكون ديننا دين رحمة وصلاح للبشرية، أوضح لنا الحلال من الحرام؛ حفاظاً على الفردِ والمجتمع من التخبط والضياع ،وظلت حياة الترفيه الامحدودة تتصارع مع قيمنا الإسلامية إلى هذه اللحظة ، القصة تبدأ من عهد الرسول_صلوات الله عليه وآله وسلم_ ، صراعٌ بين رغبات النفس وتهذيبها ، فضعفاء النفوس عملوا على تغطية رغباتهم بمسمياتٍ عديدة ، وامتدت إلى عصرنا مع تتابع المنافقون من كل عصر ، لكن ما هو واجب المجتمع المؤمن تجاه انتشار رذائل تضر دينه ووطنه وتضره شخصياً ؟
أيكون بالحياد كونه لن يتصف بالأخلاق الذميمة السائدة في مجتمعه ؟! أم بدفع المنكرات؟
قبل الإجابة عن السؤال دعوني أسرد لكم موجز لما جرى مع الإمام الحسين _عليه السلام_ في عهد معاوية وابنه يزيد ، فحين احتالوا بني أمية وتولوا زمام أمر المسلمين عمّ الفساد وأصبح الظلم والطغيان في تزايد من يومٍ لآخر، وعليه فقد برزت أخلاق يرفضها ديننا وتُرجمت في واقع حياتهم ونفسياتهم ، فلم يكن الصمت موقف الإمام الحسين ، فقام منطلق اللسان مخاطباً أهل المدينة، وطلب المناصرة منهم وبعد أن خذلوه، إتجه نحو منبع الرسالة المحمدية (مكة) ووقف منتصباً ؛ ليخاطب حجاج بيت الله ، وأبان لهم خطورة الضياع الموحش والمدمر لأمة جده رسول الله وكان موقفهم كموقف أهل المدينة ، وبعد كتائب وصلت إليه من أهل الكوفة، أرسل مبعوثه مسلم بن عقيل إليهم وأخبروه بأنهم معه مؤيدين و مناصرين ، واستناداً على ذلك خرج عليه السلام ثائراً ضد الفساد ، وعند وصوله إلى الكوفة نقضوا الإتفاق بينهم ، بل إن منهم من قاموا ضده وحاربوه وحاصروه _ ألا لعنوا بما فعلوا إلى يوم يبعثون _ ، حينها وبعد ما رأى تخاذل أهل الكوفة لم يتراجع في إصلاح مجتمعه المسلم ، وبقي وحيداً يقاتل الانحراف السائد ، فكانت دمائه الطاهرة هي النهج التي يسير عليها كل ثائرٍ على حق ضد سلطان جائر .
ديننا الحنيف حذرنا من الوقوع في المعاصي ، وتكفل بحفظنا مما يضرنا ؛ لتكون الأمة الإسلامية خير أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ،وليكن موقف الإمام الحسين وما حدث له في الطف موقفنا عند انتشار قيم دنيئة ، وألا نتناسى ماحدث له حينها، فهو ثورة سيمشي على منوالهِ الثائرين.