طرح أحدهم شبهة حول شهادة الإمام الحسين عليه السلام حيث قال.
إن الله وعد في كتابه القرآن الكريم بنصر المحقين والذين يتصدون لنشر دين الله وإعلاء كلمته حيث قال ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز) والآية مطلقة وغير مقيدة يعني أنها لا تقتصر على الوعد بنصر الأنبياء فقط بل تشمل كل داع إلى الله يحمل قضية محقة وقد نصر الله أهل الكهف على عدوهم بالرعب ولم يكونوا أنبياء ولا أئمة فلماذا انتهت معركة كربلاء بهزيمة الحسين عليه السلام في الطف.؟
والجواب عليه مختصرا مني.
اولا :
لا شك في وعود الله سبحانه وتعالى بنصر أوليائه وأهل الحق من خلقه ولا ريب ولكن النصر لا يختزل في النصر العسكري الظاهري المادي المؤقت والذي ينتهي إلى حسم معركة عسكرية بالسلاح لصالح طرف او تثبيت حكم او سلطة أو فرض معادلة عسكرية محضة بعيدا عن الآثار والتداعيات المستقبلية والأبعاد المعنوية والا لكنا معتقدين أن طائفة من أنبياء الله ورسله قد هزموا أيضا ومنهم يحيى ابن زكريا عليه السلام الذي اهدي رأسه الشريف إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
إذا فالنصر له أبعاد يجب أن يتناولها الباحث والقارئ ومنها.
1- البعد المعنوي وهو الأساس حيث يشكل هذا البعد أهمية بالغة فنحن عندما ننظر إلى رجل قتل دون عرضه نصفه بالبطولة وعندما ينقل يقتل رجل دافع عن المظلومين حتى قتله الملك أو السلطان الفلاني نرى أنه يخلد في ذاكرة شعبه وصار رجلا يضرب به المثل وقد يتحول إلى رمز لشعبه وال إنتصار الذي حققه الإمام الحسين عليه السلام هو أنه بذل مهجته في الله مدافعا عن الدين ومبادئه القيمة لم يتنازل عنها قد أنملة ولم تغره العروض المقدمة له ولم يتزلزل ولم يخف وبهذا استحق أن يقال في حقه أنه أعظم ثائر في تأريخ البشرية.
2- البعد المستقبلي للقضية التي يحملها وخرج لأجلها فقد نادى الإمام الحسين عليه السلام بالإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أقام هذه الفريضة على أكمل وجه واحياها في اجمل وأروع وابدع وازهى صورة بحيث بقيت ثورته أنموذجا يحتذى به في كل عصر ومصر ولم تمت من بعده هذه الفريضة ابدا حتى يومنا هذا يحمل المصلحون الحقيقيون المبادئ الحسينية ويرفعون شعاراته ( هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله و… ) ( إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي يا سيوف خذيني) وغيرها من الشعارات.
3- البعد العقائدي والفكري ويتمثل الإنتصار الذي حققته النهضة الحسينية أنها حفظت الدين وبينت بشكل واضح معالم الإنحراف الذي حدث بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ورسمت بشكل واضح أيضا معالم العقيدة الصحيحة وصولها بل الدين كمنضومة متكاملة حفظ بنهضته ولولا نهضته لكان الإسلام مغيبا ولم يبقى منه حتى رسمه لهذا يقال أن الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.
أما ثانيا :
فإن جزء الآية التي أوردها ناقل الشبهة نزلت في شأن رسول الله صلى الله عليه وآله ومن معه وجائت في سياق آيات منطوقها أن الله أذن لهم بالقتال ووعدهم هم بالنصر بكل إبعاده المذكورة سابقا في معركتهم القادمة مع قريش وهي معركة بدر التي أعز الله بها الإسلام وكأنت بكارة الإنتصارات في تأريخ الإسلام.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
صادق الشرفي.