مقالات

زيارة الأربعين وصناعة المستقبل

بسم الله الرحمن الرحيم

من دعاء طويل للإمام الصادق عليه السلام في سجوده:
(اللهم اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر الحسين الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ورجاءً لما عندك في صلتنا وسروراً أدخلوه على نبيك).
بداية نقدم العزاء لإمامنا المؤمل المنتظر سلام الله عليه ولمراجع الدين وللأمة الإسلامية ولكل الشعوب الحرة في العالم بذكرى أربعين الإمام الحسين عليه السلام .

▪︎تعود علينا زيارة الأربعين هذه السنة لتجدد جذوة العشق والإرتباط بالإمام الحسين عليه السلام وبثورته المقدسة لتغذي الأمة الإسلامية بالحب والإيمان، وبالعقل والعاطفة وبالبصيرة لثباتها في صراعها المحتدم مع قوى الإستكبار وعملائه في المنطقة وهذه مزايا تفردت بها مدرسة أهل البيت عليهم السلام .

▪︎ومما يُحيّر العقول هو الإندفاع العفوي لإحياء هذه الشعيرة من قبل محبي أهل البيت ومن الطوائف الاسلامية والملل والقوميات من شتى أنحاء الأرض وهذا مؤشر على إنسانية هذه الذكرى .

▪︎إن إحياء ذكرى الأربعين الحسيني من قبل المسلمين له عدة دلالات منها :

1- الوفاء للتضحيات الكبيرة للنبي وأهل بيته عليهم السلام في حفظ الإسلام .
2- تجسيد مبدأ مقاومة الظلم والطغيان والعمالة ومواجهة الطاغوت في أي زمان ومكان فـ ” كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء “… وشعار ” هيهات منا الذلة ” هو الشعار الحسيني المهدوي الذي أرهب وما يزال يرهب الطغاة والظالمين.
3- إحترام الأمة الإسلامية وإعتزازها بتراثها العقائدي الأصيل وإحيائها لقيم الحرية في نفوس ابنائها من خلال استذكار نهج الإمام الحسين عليه السلام .
4- استعراض كبير للقوى المؤمنة لأتباع أهل البيت عليهم السلام ومن يشاركهم الاهتمام بمبادئ الحسين عليه السلام ولهذا أقرّ المراقبون الدوليون: بأنّ هذه الزيارة المليونية هي أكبر معهد ومعسكر لتدريب النفس البشرية على التضحية والفداء والعطاء في وقت تعجز عنه أي دولة كبرى إذا أرادت أن تعبئ شعبها استعداداً لحرب أو طارئ .
5- إحباط مؤامرة تمزيق الأمة وضياعها وهو ما يسعى له الإستكبار والصهيونية وعملائهم في المنطقة .

▪︎زيارة الأربعين ذات البعد العقائدي محطة تعبوية، تنهل من معينها أجيال الغد عبراً ودروساً ومنهاجاً لأنها تسلط الضوء على عوامل الإخفاق والنكوص، وكذلك عوامل القوة والنجاح المتمثل بما تحمله من مبادئ إنسانية وقيم تخدم المسيرة البشرية.

▪︎زيارة الأربعين ليست بمعزل عما نعيشه اليوم من مرحلة صراع محتدم الوطيس، بين محور المقاومة ذات الطابع الإنساني المتمثل بخط الولي الفقيه والمرجعية وما يحمله من مشروع سماوي، يتجسد في إحقاق العدالة والفضيلة والنبل، قبال الظلم والرذيلة والخسة متمثلا ً بأمريكا والصهيونية وأتباعهم .

▪︎زيارة الأربعين بحشودها المليونية المنظمة والممولة ذاتيا ً، ترسل رسالة سياسية إلى أصحاب القرار الدولي ولمراكز البحوث والدراسات العالمية، أن هنا حدثا مختلفا تترتب عليه ترددات وأبعاد وسياقات إستراتيجية وجيوسياسة في المنطقة  .

▪︎لذلك نتفهم حجم الألم والحقد الذي يعيشه محور الشر وأذنابه أمام هذه الزيارة العظيمة ويتمثل في تهميش الزيارة في ماكنتهم الإعلامية والتضييق على وفود الزوار بقرارات حكومية جائرة كما فعلت بعض الحكومات .

بقيت كربلاء الحسين وستبقى خالدة ما بقي الدهر عند كلّ ضمير حي وكل مجتمع يمتاز بالبصيرة وكلّما إزدادت البشرية نُضجاً وفَهماً أقبلت لتتعرف على هذه الواقعة القصيرة في عمر الزمن الكبيرة في عطائها .
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجمع علماء الجزيرة العربية
20 صفر 1443 هجري
26 سبتمبر 2021 ميلادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock