مجتمعمقالات

تربية الطفل على طاعة الوالدين

السيد شهاب الدين الحسيني

يلعب الوالدان الدور الاكبر في تربية الاطفال ، فالمسؤولية تقع على عاتقهما أولاً وقبل كلّ شيء، فهما اللذان يحدّدان شخصية الطفل المستقبلية، وتلعب المدرسة والمحيط الاجتماعي دوراً ثانوياً في التربية.

والطفل اذا لم يتمرّن على طاعة الوالدين فانه لا يتقبل ما يصدر منهما من نصائح وارشادات وأوامر إصلاحية وتربوية ، فيخلق لنفسه ولهما وللمجتمع مشاكل عديدة ، فيكون متمرداً على جميع القيم وعلى جميع القوانين والعادات والتقاليد الموضوعة من قبل الدولة ومن قبل المجتمع.
قال الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه ‌السلام) :«جرأة الولد على والده في صغره ، تدعو إلى العقوق في كبره»(١).

وقال الإمام محمد بن علي الباقر(عليه ‌السلام):«…شرّ الابناء من دعاه التقصير إلى العقوق»(٢).

وتربية الطفل على طاعة الوالدين تتطلب جهداً متواصلاً منهما على تمرينه على ذلك ؛ لأنّ الطفل في هذه المرحلة يروم بناء ذاته وإلى الاستقلالية الذاتية ، فيحتاج إلى جهد اضافي من قبل الوالدين، وأفضل الوسائل في التمرين على الطاعة هو إشعاره بالحبّ والحنان، يقول الدكتور يسري عبدالمحسن : (أهم العوامل التي تساعد الطفل على الطاعة .. الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كلِّ افراد الاسرة)(3).

ومن الوسائل التي تجعله مطيعاً هي اشباع حاجاته الاساسية وهي (الامن، والمحبة، والتقدير، والحرية، والحاجة إلى سلطة ضاغطة)(4).

ويرى الدكتور فاخر عاقل هذه الحاجات بالشكل التالي (الحاجة إلى توكيد الذات، أو المكانة، ان يعترف به وبمكانته، وان ينتبه إليه.. والحاجة إلى الأمان والحاجة إلى المحبة والحاجة إلى الاستقلال)(5).

فإذا شعر الطفل بالحب والحنان والتقدير من قبل والديه، فانه يحاول المحافظة على ذلك بإرضاء والديه وأهم مصاديق الارضاء هو طاعتهما.
فالوالدان هما الاساس في تربية الطفل على الطاعة، قال رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله ‌وسلم) : «رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما» (6).

واسلوب الاعانة كما حددّه رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ و آله ‌وسلم) :«رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالإحسان إليه، والتألف له، وتعليمه وتأديبه»(7).

وقال (صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله ‌وسلم) : «رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله»(8).

وقال (صلى‌ الله‌ عليه ‌و آله ‌وسلم) :«رحم الله من أعان ولده على برّه… يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به… »(9).

وحبّ الاطفال للوالدين ردّ فعل لحبّ الوالدين لهما (10).

فإذا كان الحبُّ هو السائد في العلاقة بين الطفل و والديه ،فإنّ الطاعة لهما ستكون متحققة الوقوع، وعلى الوالدين أنْ يُصدرا الاوامر برفق ولين بصورة نصح وإرشاد فان الطفل سيستجيب لهما، أمّا استخدام التأنيب والتعنيف فإنه سيؤدي إلى نتائج عكسية، ولذا أكّد علماء النفس والتربية على التقليل من التعنيف كما جاء في قول أنور الجندي :(يقتصد في التعنيف عند وقوع الذنب، لانّ كثرة العقاب تهون عليه سماع الملامة وتخفّف وقع الكلام في نفسه)(11).

وإطاعة الاوامر لا يجد فيها الطفل الذي حصل على المحبة والتقدير أية غضاضة على حبه للاستقلال، وبالمحبة التي يشعرها تتعمق في نفسه القابلية على تقليد سلوك من يحبّهم وهما الوالدين، فينعكس سلوكهما عليه، ويستجيب لهما، فإنه اذا عومل كإنسان ناضج وله مكانة فانه يستريح إلى ذلك ويتصرّف بنضج وبصورة لا تسيء إلى والديه، فيتمرّن على الطاعة لوالديه، ومن ثم الطاعة لجميع القيم التي يتلقاها من والديه أو من المدرسة أو من المجتمع.

#المصادر
١ـ تحف العقول : ٣٦٨.
٢ـ تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠.
3ـ قاموس الطفل الطبي : ٣٢٨.
4ـ علم النفس ، لعبدالعزيز القوصي : ٢٦٤.
5ـ علم النفس التربوي ، لفاخر عاقل : ١٠٠ ـ ١٠١.
6ـ مستدرك الوسائل ٢ : ٦١٨.
7ـ مستدرك الوسائل ٢ : ٦٢٦.
8ـ عدة الداعي : ٦١.
9ـ الكافي ٦ : ٥٠ / ٦ بر الاولاد.
10ـ علم الاجتماع ، لنقولا الحداد : ٢٥٢ ـ دار الرائد ١٩٨٢ م ط ٢.
11ـ التربية وبناء الاجيال : ١٦٧.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock