مجتمع

عزيزي المدير الجديد..!

قد تكون الثلاثة شهور الأولى على مقعد المدير هي الأصعب على الاطلاق، وتتضاعف الصعوبة مع مدير يزاول العمل الاداري لأول مرة، الشعور بمسئولية المكان والرغبة في تحقيق نجاح والخوف من الفشل وفقدان الخبرة كلها تجعل هذه الفترة حساسة وخطيرة في نفس الوقت. اتصل علي زميل يبشرني بتقلده لمنصب في منظمته ويطلب بعض التوجيهات فوعدته بكتابة روشته بسيطة لعلها تساعده في مهمته الجديدة.

البداية الطبيعية هي أن تمنح مرؤوسيك فرصة كي يتعرفوا على مديرهم الجديد، فلسفتك وقيمك وطريقتك، ولأنك مدير جديد فقد لا يكون لديك فلسفة أو قيم أو طريقة، فلسفتك وقيمك وطريقتك في الحياة عموماً هي ذاتها ستعبر عن مسلكك الاداري، كل هذه الأشياء يجب أن تكون حاضرة في اجتماعك الأول بمرؤوسيك، والمصداقية هي عنوان هذا اللقاء وأي محاولة للمبالغة أو حصد الأعجاب أو التكلف سيكون له مردود سلبي لاحقاً، كثيرون يتجاهلون هذه البداية أو لا يدركون أهميتها رغم أنها تُوفر على المدير وعلى الموظفين الكثير من العناء..!
طبيعي أن الشغف يسيطر على الموظفون في معرفة أو استكشاف شخصية مديرهم الجديد، لذا فتح باب الحديث عن التوقعات له أهميته أيضاً في اللقاءات الأولية التي تجمعك مع موظفيك، ماذا يتوقع مرؤوسيك منك؟ وماذا تتوقع أنت منهم؟ الحديث عن التوقعات سيمنح فرصة لمزيد من الاستكشاف، واحذر تماماً تقديم أية وعود في البداية، المصداقية هي اللبنة الأولى في بناء ثقة الموظفين بك؛ الواقع يؤكد على أن ثقة الموظفين في مدير قد يهدمها مدير كاذب أو قد يهدمها اسلوب اداري يتم تغذيته بوعود يتم ترويجها المدير نفسه أول من يعرف أنها لن ترى النور..!
يجب أن تعرف آليات العمل في المكان، كل الأنظمة والاجراءات من أين تأتي وكيف تسير وإلى أين تذهب، جهد كبير ومكثف عليك أن تبذله في هذا الأمر، أخطاء كثيرة يرتكبها المديرون الجدد نتيجة التهاون في هذا لأمر، وبعد أن تعرف الأنظمة والاجراءات عليك أن تبذل جهداً في معرفة مرؤوسيك، احذر تماماً أن تبني فكرتك عن مرؤوسيك استناداً على رأي مسؤول سابق أو حالي في المكان، الأفكار المسبقة مدمرة، الأيام وخبرات التعامل هي التي ستكشف لك ماظهر وماخفى، كون فكرة مبدئية من السجلات والتقارير الخاصة بهم وتذكر دائماً أنها فكرة مبدئية وليست نهائية.
عليك أن تتعرف على المكان الذي تديره: نجاحاته، اخفاقاته، مشكلاته، فرصه، تحدياته، وعليك أيضاً أن تتعرف على بعض من سمات التجارب الإدارية التي سبقت تجربتك في المكان، البداية دائماً معلوماتية بالنسبة للمدير الجديد وكلما بذل جهداً في جمع وتحليل المعلومات كلما كانت البداية قوية وعلى المسار الصحيح.
بعد ذلك ستبدأ في تحمل مسؤولياتك الادارية، ستخطو بثقة خطوتك الأولى نحو الفشل إذا فقدت القدرة على التخطيط، وفي قول مأثور “إذا فشلت في للتخطيط فأنت تخطط للفشل”، التخطيط يجب أن يشمل كل جوانب العمل وكل الأقسام وكل الموظفين، والتخطيط عملية تشاركية بين الجميع.
التنظيم وكل ما يتعلق به من أنظمة واجراءات ولوائح هو وجهتك الثانية بعد التخطيط، إذا نجحت في تنظيم صفوفك وامكانياتك باحترافية ستصل إلى نقطة الانطلاق، دورك القيادي في التوجيه والتحفيز وادارة التغيير وقدرتك على اتخاذ القرارت المناسبة، كل هذا سيصنع الفارق في عملك الاداري. ودائماً تذكر القاعدة الإدارية الخالدة التي وضعها سيدنا علي بن أبي طالب “لا تكن ليناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر”.
أما اذا قررت الفشل وتبحث عن أسهل الطرق الموصولة له فإليك بعض الأفعال التي لن تخيب رجائك..! تخل عن العدالة وكل بمكيالين، تمسك برأيك وصم أذنيك عن الإنصات إلى الآخرين أو اترك اذنيك مرتعاً للآخرين، شجع الشللية وحفز العنصرية والتمييز، لا تحسن الظن بمن حولك، كرر أخطائك ولا تتعلم منها، تهاون مع التجاوزات، اتخذ قرارات بدون معلومات، كن بخيلاً مع مرؤوسيك مادياً ومعنوياً، لا تلق بالاً للصراعات والمناوشات، وكن كاذباً مع نفسك كل صباح وأخبرها بأنك تسير على الطريق الصحيح..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock