مقالات

ثورتان ضد الطاغوت…الـ 10 من محرم والـ 21 من سبتمبر

▪️عدنان أحمد الجنيد

ما من ثورة إلا وهي مستمدة من ثورة الحسين  (عليه السلام) ، أو متأثرة بها .. فثورته  (عليه السلام) تعد أم الثورات، وهي أعظم ثورة إسلامية إنسانية عرفتها البشرية.
لقد ألهبت هذه الثورة عواطف أحرار العالم، فهبوا لتحرير المجتمعات من رق العبودية والذلة والمهانة، وإنقاذها من سلاطين الجور والفساد والطغيان، وسلاطين الاستكبار العالمي؛ لتحيا مجتمعات العالم حياة إنسانية عادلة، خالية من كل جوانب الفكر الوهابي، بالفساد والطغيان والإستكبار والإجرام .. ولتحكمها القوانين الإلهية، التي جاءت بها الكتب السماوية.
ولقد بين الإمام الحسين (عليه السلام) الدوافع التي أدّتْ إلى خروجه على طاغية زمانه (يزيد) ، فقال (عليه السلام) موصيا أخاه محمد بن الحنفية :
{ إني لم أخرج أشَرَاً ولا بَطَراً، ولا مُفسِداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي …، } .
فالإمام الحسين ما خرج إلاّ لطلب الإصلاح، وهذا يعني أن هناك فساد كبير قد استشرى في جسد الأمة، من جميع الجوانب، (فساد ثقافي وأخلاقي وصحي، وفساد مالي وإداري، وفساد اجتماعي واقتصادي وسياسي ..الخ)..
ناهيك عن:
[تحريف الدين، واستبدال الأحكام، ونشر البدع، وتدنيس المقدسات، وتغييب وصية رسول الله صلوات الله عليه وآله بوجوب موالاة عترته من بعده، وولايتهم للامة، ومسيرتهم الجهاديه].
فمعاوية، منذ استيلائه على الحكم، ولمدة عشرين عاماً، وهو يقوم بتحريف الدين، ونشر الأخبار الكاذبة، التي تحط من مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والأخبار المزيفة التي تحط من منزلة آل البيت، وخاصة الإمام علي (عليه السلام) ، مجاهرة، وذلك عبر علماء بلاطه، الذين أغدق عليهم بأمواله، حتى فعلوا له ما قرت به نفسه.
في المقابل، فقد عمل معاوية، بدهاء ومكر عظيمين، على حرف بوصلة الولاء والمودة عن آل رسول الله وعترته، إلى غيرهم، حيث أمر علماء بلاطه بالإكثار من وضع فضائل للصحابة، بمثل فضائل (علي) عليه السلام، وخلع فضائل الإمام (على) عليهم، ووضع مثالب تشين مكانة (علي) ، وتنتقص من قدره، وتتجاهل أدواره ومواقفه ومكانته (عليه السلام) كما جاء في تاريخ المدائني .
أضف إلى ما سبق استئثاره بالسلطة، وإكثاره من قتل أتباع ومحبي الإمام علي  (عليه السلام)، ومطاردتهم في كل مكان، وسفكه الدماء البريئة لكل مخالفيه، وقطع أرزاقهم، وإيذائهم بكل أنواع الأذى، وممارسة السحر، وتحريم الحلال، وإباحة المحرم كالخمور.، وهذا يعلمه كل من قرأ التاريخ الأسود لبني أميّة.
لقد مثلت هذه التغييرات العاصفة لكل مبادئ الدين الإسلامي وأهدافه، رغم حداثة عهده، الدافع لتحرك الإمام الحسين، فبعد تقييمه لهذه الأوضاع، كان لابد من عمل ثوري يجتث هذا الفساد من جذوره، وإلا لن يبقى للإسلام أثر بعد مدة من الزمن، وستضيع جهود جده رسول الله هدراً، ولذا كان يعد للثورة منذ زمن معاوية، مع قلة قليلة من أصحابه المخلصين، وكانت مهمتهم آنذاك بعث روح الثورة في النفوس، كنوع من الإعلام الوقائي المضاد، عن طريق إظهار المظالم التي أتخم بها عهد معاوية، انتظاراً لليوم الموعود، وبتعبير آخر للوقت المناسب للتحرك، ولم يعقه عن التحرك المبكر، إلاّ مبادئه، فقد كان يراعي ويحترم معاهدته لأخيه الحسن عليه السلام، فرغم امتلاكه الأهلية للتحرك، كان يراعي شرعية هذا التحرك، ثم سنرى كيف تحول هذا الإنتظار إلى واحد من أقوى حوافز الثورة.
لم يكن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية، إلا أساساً من أسس ثورة الحسين (عليه السلام) ، وذلك أن معاوية نقض العهود والمواثيق، ورمى بجميع الشروط التي شرطها عليه الحسن (عليه السلام) عرض الحائط، وهذا ما جعل حقيقته تنكشف للناس، بأنه مجرد مخادع، متستر بلباس الإسلام، لا يفي بعهد، ولا يحترم ميثاقاً.
لقد مهّدت هذه الأحداث لثورة الحسين المباركة، لأن خطر الحكم الأموي، على الإسلام وأهله، كان يشهد تصاعداً متسارعاً وخطيراً، كل يوم، إلى أن بلغ أوجه في عهد الطاغية الفاجر يزيد.

# التاريخ يعيد نفسه
إننا حين ننظر بحياد ومسؤولية علمية، إلى الثورة اليمنية، ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر سنة 2014 م، نجد أن روحها مستمدة من روح ثورة الحسين (عليه السلام)، حيث خرج الشعب اليمني رافضاً للهيمنة الأمريكية والوصاية السعودية، ورافضاً للاستعباد إلا لرب العباد، رافضاً للقمع الفكري، والتضليل الإعلامي، وتوسيع فجوة التباعد المذهبي والعقائدي والمناطقي والحزبي، الذي استعمله طاغوت تحالف العصر، لمحو الدولة اليمنية، وجعلها دولة فاشلة، ليسهل عليه تولية وكلائة وخدامه عليها، فتكون ولاية إضافية للولايات المتحدة، وجزءاً جديداً يضاف لخارطة (إسرائيل العظمى) التي يحلم بها الصهاينة، ويسعون لجعله واقعاً وحقيقة، بكل ما أوتوا، وما أوتي حلفاؤهم من علم وإعلام، وتخطيط ومكر وتضليل، ومال وقوة.

# الثورة وحسين العصر
إن الذي وضع أول بذور هذه الثورة هو الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – بعد أحداث مكيدة 21 سبتمبر عام ٢٠٠١م ، والتحركات المريبة والسريعة للقوات الأمريكية، واستهداف المسلمين، وإعلان الرئيس الأمريكي آنذاك بدء مرحلة (صراع الحضارات)، وتصريحه بأن تصادم الحضارة المسيحية مع نظيرتها الإسلامية أصبح أمراً حتمياً، وأن هناك أمة سوف تتحمل نتائج هذه الأحداث..
ومع بدء التحرك الأمريكي ببوارجه البحرية وحاملات طائراته الحربية، للقضاء على الإرهاب -حسب زعمه- بعد وصم الإسلام به، كان السيد حسين الحوثي، حفيد ووارث الإمام الحسين بن علي، يرى الأحداث ببصر حاد وبصيرة نافذة، وقرأ ما بين السطور، وتحرك…
تحرك، ومعه مجموعة قليلة من المؤمنين، في جبال مران، فبثوا في عقول الناس الوعي، والقراءة الصادقة للمرحلة وأحداثها، وبثوا في قلوبهم روح الجهاد والعزة والكرامة والإباء، وعدم السكوت عن فساد الأنظمة العميلة، التي تنهب مقدرات وثروات الشعوب، ومَنها الشعب اليمني.
كان تحرك الشهيد القائد آنذاك تمهيداً لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، التي ماهي إلا ثمرة جهوده، المتممة لحركته الجهادية في ظل المشروع القرآني.
خرج الشعب اليمني تحت راية قائده المبارك السيد عبد الملك الحوثي، وكان شعار اليمنيين في ثورتهم:
(هيهات منا الذلة)
الشعار نفسه، الذي أطلقه الإمام (الحسين) في (كربلاء).

وأثناء أحداث هذه الثورة ، وقف العالم كالمبهوت، أمام قوتها ، وعنفوانها، وعدالة قضيتها، وحكمة قائدها، وإنسانية صانعيها، ورقي أخلاق منتسبيها، في تعاملهم مع بعضهم، ومع كافة الأطياف داخلياً وخارجياً.
وحين انتصرت هذه الثورة الحسينية، تكالبت عليها قوى الاستكبار اليزيدية مع أحذيتها من أنظمة ابن زياد وابن سعد (آل سعود وآل نهيان) فصبوا جام غضبهم على الشعب اليمني، فأحرقوا البشر والشجر والحجر، لم يستثنوا شيئا مما فيه خدمة المواطن اليمني إلا استهدفوه ،بغاراتهم ناهيك عن مئات المجازر التي ارتكبوها في حق الأطفال والنساء وكبار السن، وكذلك حصارهم البري والجوي والبحري، منذ ما يقارب الأربعة أعوام، الحصار الذي أصرَّ، وبعقلية لصوص القرون الوسطى، على حرمان اليمنيين من الدواء والغذاء الضروري.
لقد تحول كل من شهد بعدالة الثورة اليمنية، ومبادئها وأخلاقها، إلى معتد عليها وعلى الشعب اليمني وأرضه وحضارته وتاريخه وآثاره، وشارك في قتل أطفاله ونسائه وشيوخه، أو وقف متفرجاً، إما مؤيداً للعدوان، أو صامتاً كشيطان، أو باكياً متباكياً كالنسوان، أما تعاطف الشعوب عربياً وعالمياً، فقد لمسناه صادقاً وحقيقياً، وهو يكفينا في هذه المرحلة، ويكفي أيضاً أن وصلت الثورة اليمنية الحسينية إلى الأعماق واستقرت في الأحداق، لكل شعوب العالم، وانكسرت شوكة أمريكا، ومسحت الصورة الـ (هوليودية) من الذهنية العالمية، عن (البعبع) الأمريكي.
وزعم تحالف الشر العالمي، بقيادة أمريكا، عبر أبواقها الأعرابية، عدالة العدوان، وأنه لتحرير اليمن من أبنائه…، اعترف في طيات زيفه بعدم رضاه عن أن يُحكم اليمنُ من قِبل أبنائه، والشعب، كل الشعب يعلم أن كل ذلك العدوان والحصار والتضليل بغية إركاع الشعب اليمني.
واستمر العدوان ، واستمر الحصار، وكافة الحدود اليمنية تشتعل بالمعارك، كل يوم، وبلا توقف، وخلايا إرهابية مخابراتية تعمل في الداخل، لتفكيك الجبهة الوطنية، والحيلولة بينها وبين الجبهة الداخلية، ولكن الاستكبار اليزيدي المعاصر، لم يجد من الشعب اليمني إلا الصمود والثبات، متمثلاً بأقوال ومواقف الإمام الحسين (عليه السلام) ، التي أصبحت قوانيناً وأدلة في مسير ثورتنا، ومنها:
{إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما}.
{والله لو لم يكن ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية}.
{والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد}.
{ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك، ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام، على مصارع الكرام}.
فكما قال الإمام الحسين  (عليه السلام) هذه العبارات التي تفوح منها رائحة العزة والكرامة، نجد قائد الثورة اليمنية سماحة السيد عبد الملك الحوثي – حفظه الله – يقول لقوى الاستكيار اليزيدية وأحذيتها:
{والله لأن نتحول إلى ذرات تبعثر في الهواء أشرف لدينا وأحب إلينا وأرغب إلينا من أن نستسلم لكل أولئك الأنذال المجرمين المفسدين في الأرض الطواغيت المتكبرين}.
ويقول أيضا:
{مستعدون أن نضحي مهما كان حجم التضحيات؛ لأَن أَكْبَر وأخطر وأسوأ ما يضحّي به الإنْسَـان ولا يُحسب له، هو أن يضحّي بكرامته وأن يضحي بحريته وأن يضحي بإنْسَـانيته، هذا النوع من التضحية لن يكون منا أَبداً، نضحي بحياتنا، حاضرون، نضحي في سبيل أن نعاني مع الحرية أن نعاني مع الكرامة أن نعاني مع الحفاظ على قيمنا وديننا ومبادئنا حاضرون، أما أن نضحي بالقيم والحرية ونُستعبد لأولئك انذال المجرمين، فهذا هو المستحيل الذي لا يكونَ ولن يكون}.
وعبارته الأشهر:
{ في اليمن؟!! .. هذا غير وارد}
فهذه العبارات وغيرها، التي أطلقها قائد الثورة، تحمل المضمون نفسه، والمعنى نفسه للشعارات التي أطلقها الإمام الحسين في ثورته والتي ذكرناها آنفا.

# الحسينيون لا يستسلمون
نقولها للعالم أجمع، سواءً من تحالف ومن لم يتحالف، من وقف ضدنا ومن وقف معنا، من أيّدَ العدوان ومن رفضه ووقف ضده، من تحرك وعمل أو قال شيئاً ومن صمت وخاف وجبن، …، نقول للجميع:
الحسينيون لا يمكن أن يستسلموا للطغاة والمستكبرين، حتى ولو كان في ذلك إزهاقْ لأرواحهم، وتقطيعْ لأجسادهم.

# سرد أحداث ثورة الحسين
خرج الإمام الحسين (عليه السلام) بثورته على يزيد، ومعه نفر من أهل بيته وأصحابه، وبرفقته نساؤه وأبناؤه، وأخته زينب الكبرى، وعددهم لا يتجاوز الثلاثة والسبعين.
لم يتوقف أثناء مسيره هو ومن معه، فلم يثنهم تثبيط الناس لهم بعدم الخروج، أو تخويفهم من الموت الذي ينتظرهم، ولم يعق مسيرَهم تخلي الناس عنهم، بل استمروا بالمسير حتى وصلوا (مكة)، وفيها عقدَ (الحسينُ) لقاءً مع الحجيج، فبين لهم حال الأمة وما تمر به من [فساد، وظلم، واضطهاد، وقتل، وسفك للدماء، وانحراف عن الدين]..
وكذلك بين لهم حال يزيد، وأنه رجل فاسق، يشرب الخمر، ويقتل النفس المحرمة، ويعلن فسوقه وفجوره..
وذكّرهم بالآيات والأحاديث، التي تحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعاقبة الساكتين عن جرائم الظالمين والفاسدين… الخ.
هكذا بَيَّنَ لهم الحجة. وأثناء خروجه (عليه السلام) من مكة، وتوجهه إلى العراق، كان لا يفتأ عن توعية الناس بما سبق ذكره، سواءً عند لقائه بهم، أو مروره في مناطقهم..
وهكذا ظل في مسيره هو ومن معه إلى (كربلاء) يقيم الحجة على الأمة، رغم تخاذل الناس عنه، وعدم لحوقهم بركبه، إمّا طاعة ليزيد وطمعاً بما عنده، أو خوفاً من بطشه، أو تكاسلاً عن عدم الشعور بالمسؤولية.. ومنهم من عميت بصيرته، فلم يدر أين الحق، هل مع الحسين ابن النبوة، أم مع يزيد ابن الطلقاء !!
وفي أثناء مسيره إلى العراق، وبعد أن انتهى إليه نبأ قتل رسوله وسفيره (مسلم بن عقيل بن أبي طالب)، وبعد أن تبين له ولمن معه المصير الرهيب الذي ينتظرهم جميعاً، التقى بكتيبة من الجيش اليزيدي، يقودها (الحر الرياحي) الذي انضم فيما بعد إلى الحسين، فلم يألُ الإمام جهداً من نصحهم، فقد خطب بهم قائلاً: {أيها الناس.. إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغَيِّرْ عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفي‏ء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله…،}..
ولقد حاصر الجيشُ اليزيدي الإمام الحسين وأصحابه، ومنعوهم من الماء، فلم يكترثوا لذلك، ولم يضعفوا أو يستكينوا عند رؤيتهم لجيش يزيد، الذي كان بعشرات الآلاف، بل ازداد الإمامُ الحسينُ قوة، وكذلك أصحابه ومن معه، ازدادوا ثباتاً وصلابة، وذلك بفضل ثقتهم بالله، ولِما وجههم به الإمام من كلماته، التي تحثهم على الصبر والثبات، وعلى أحقيتهم بخروجهم هذا، وعلى فضل الشهادة في سبيل الحق.
لقد أخلصوا جهادهم للَّهِ تعالى، وواجهوا جيش الطاغية يزيد، وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، حتى نالوا من الله أوسمة الشهادة.
وهكذا وجدنا هذا الثبات والصمود والعزة والكرامة والشجاعة، التي كانت لدى الإمام الحسين ومن معه، وجدناها تتجلى بأبهى صورها وأروعها، في الشعب اليمني، الثائر ضد المستكبرين، فلم يتوقف الشعب اليمني في ثورته، بل استمر، رغم تخلي كل العالم عنه، ورغم التثبيطات والإرجافات، التي واجهها من مرتزقة الداخل، ومن أدوات العدوان في الخارج، رغم الحصار المطبق به، والعدوان الجائر عليه، كل هذه الأمور لم تثنه عن الاستمرار في ثورته، في سبيل حريته وسيادته واستقلاله.
وهاهو ذا قائد الثورة، منذ بداية الثورة إلى هذه اللحظة، نجده، بين الحين والآخر، يلقي محاضراته وكلماته، ناصحاً للمعتدين، بكلامه المعقول، ونطقه الواضح، تارة ينصحهم ويعطيهم الحلول لتجنيب المزيد من إراقة الدماء، وتارة نجده ناصحاً لمرتزقة الداخل بأن يلحقوا بركب الجيش واللجان الشعبية، للدفاع عن بلدهم ووطنهم، وذلك كي يقيم عليهم الحجة، ويبين لهم المَحَجّة، بآيات من كتاب الله، وبأحاديث من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتارة نجده أيضا -في محاضراته وخُطَبِه- يشحن همم الشعب، للتحرك والقيام بواجبهم، وشحن المجاهدين بالثبات والصمود …….الخ.
هكذا وجدنا قائد الثورة يسير على خطى الحسين (عليه السلام) في ثورته المباركه.
وإن الإمام الحسين عندما صرخ بأعلى صوته – بعد أن قتل أصحابه – : {هل من ناصر ينصرنا} لم يقل ذلك عن ضعف، بل لمزيد من إقامة الحجة على هذه الأمة، التي تركت ابن نبيها، وتمسكت بابن الدّعِي، الظالم الجائر، الذي أخذ الحكم تعسفاً، وقضى في العباد تَجَلُّفاً.
إن الإمام الحسين بعباراته تلك، يخاطب كافة أحرار العالم، من يومه إلى قيام الساعة؛ لأن نُصرة المستضعفين والمظلومين هي نصرة للإمام الحسين.. فأينما تجد مستضعفاً فاعلم بأن الحسين يناديك لنصرته من الظلم اليزيدي.
إن العدوان اليزيدي المعاصر مازال منذُ سنوات يقتل الشعب اليمني، يقتل أبناء الحسين ومحبي الحسين وشيعة الحسين وأحباب الحسين، وأنهار من الدماء تسيل، وكأن الإمام الحسين يصيح بأعلى صوته {هل من ناصر ينصرنا؟} .. فهل من ناصر ينصر الشعب اليمني، ويقف إلى جانبه بقلبه وقالبه؟!!..
وفي خضم هذا العدوان العالمي على اليمن وشعبه، هناك من سمع صوت الحسين ولبى نداءَه، وهم بعض أحرار العالم، وعلى رأسهم سماحة (السيد حسن نصر الله) أمين عام (حزب الله)، الذي وقف مع مظلومية الشعب اليمني منذ بداية العدوان، وإنّ محاضراته وخطاباته وكلماته، لهي دليل على ذلك، وقد كان لها الأثر الكبير في قلوب اليمنيين، فقد شحذ همم المجاهدين وقوَّى عزائمهم.. وكذلك بعض أصوات أحرار العالم، التي نصرت الشعب اليمني بمواقفها الشجاعة والمُشَرِّفة، فمازال (حبيب بن مظاهر، والحر بن يزيد الرياحي، وزهير بن القين)، مازالت أرواحهم تتجسد في كل إنسان صاحب ضمير، وفي كل مسلم حر غيور على دينه وعلى آل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) .. فكما انتصرت ثورة الحسين، وصححت المسار الإسلامي في سبيل كرامة الشعوب الإسلامية والإنسانية، وحققت إنجازات عظيمة ورائعة في ميادين الجهاد المسلح ضد الطغاة والفاسدين، وفتحت لها آفاقاً مشرفة للتمرد على المستكبرين، كذلك الثورة اليمنية التي هي امتداد لثورة الحسين، حققت وتحقق إنجازات عظيمة، في نشر الوعي، وثقافة الجهاد، وفي تطويرها للصواريخ، وتصنيعها للطيران المسير، وحققت انتصارات كبيرة في جميع جبهات العزة والكرامة والشرف..
وفي أثناء الهدنة الحاليّة، لم يزل التدريب والتحشيد والإعداد قائماً على قدم وساق، وقد شهدنا ذلك في العرض المهيب، لقيادة المناطق العسكرية المركزية، وقيادة الوية المنطقة العسكرية الرابعة، ذلك العرض المشرف الذي أذهل العالم، بقوة وعزة وكرامة الجيش واللجان الشعبية، الذي يشهد بقوة اليمن، وأن اليمن مازال هنا، بأبنائه المخلصين، مستعداً بكل حزم وقوة للقاء المعتدين، مؤهل لدحرهم وتلقينهم الدروس، حتى تحرير آخر شبر من وطننا الغالي اليمن.
شهد العالم أن اليمن كينونة تاريخية لا يمكن نكرانها، وهاهي قوة عسكرية لايمكن تجاهلها، مستمرة وستستمر -بإذن الله تعالى- بمسيرتها القرانية، ثورة عالمية مهيبة، بقيادة ربانية حكيمة، بقيادة القائد العلم السيد (عبد الملك بدر الدين الحوثي) حفظه الله، الذي صنع بعون الله وجهود اليمنيين ثورة ترعب أعداءها المعتدين المستكبرين، طواغيت الارض.
أضف إلى تلك الإنتصارات الميدانية والعملياتية والعسكرية، انتصارات الثورة في تصحيح المسار الديني، عبر مشروعها القرآني العالمي، الذي وضع لبناته وأقام صرحه العظيم الشهيد القائد (السيد حسين بدر الدين الحوثي) رضوان الله عليه.
إنها شجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، لنسل العدالة والحرية والكرامة، تلك المبادئ التي لا مساومة فيها، ولا التفاف عليها، ولا نكوص عنها، لأنها بالنسبة لكل يمني هي الحساة، هي البقاء، هي معنى الوجود، ومعنى أن تكون يمنياً يمنياً، وهذا ما يبشر بانتصارات قادمة، سوف تذهل العالم، وتجعله ينحني احتراماً أمام عظمة هذا الشعب، وبسالة جيشه ولجانه، وصدق وشجاعة قيادته الربانية الحكيمة، متمثلة ومتجسدة بأروع وأبهى صورها بمولانا وقائدنا حفظه الله، وبثقته بخالقه ومولاه سبحانه وتعالي..
إن الثورة الحسينية، التي قُمعت في ٦١هـ ، بعثت في ١٤٣٥هـ، ولم تزل ببهاء أمها ثورة الحسين الأولى، وسوف تنتصر -بإذن الله- بمبادئها وبالوعي الذي صار متاحاً أكثر من ذي قبل، وسوف تعود اليمن إلى سابق عهدها الريادي، وسيخسأ المجرمون والمعتدون، و….
(وإنّ غداً لناظِرِهِ قريبُ).
#المركز_الإعلامي_لملتقی_التصوف
http://telegram.me/islamsofi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock