مقالات

نور روح الله‏: من واجبات الشباب‏

البحث في حقائق الإسلام‏
يجب عليكم أيها الشباب التركيز على الحقائق، والبحث في حقائق الإسلام في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. ولا يفوتنكم التأكيد على الخصائص التي تميز الإسلام عن غيره من جميع المدارس الفكرية الأخرى. يجب أن تبذلوا الجهد في البحث في مفاسد الثقافة الاستعمارية، وتنحّوها جانباً بإذن الله تعالى، وتحلّوا بدلاً منها الثقافة الإسلامية الإنسانية، لتتربى الأجيال القادمة على نهجها، الذي هو بناء الإنسان وبسط العدل..

* الابتعاد عن معاشرة أهل المعصية
يجب على الشباب حتى إذا كانت قلوبهم مطمئنة بالإيمان أن ينتبهوا إلى كيفية تفاعلهم وعِشرتهم مع الآخرين، ويتورّعوا عن الاختلاط مع السيئين. بل إن الصداقة والاختلاط مع العصاة وذوي الخلق الفاسد والسلوك المنحرف مسي‏ء لجميع الناس من أي طبقة كانوا. ويجب أن لا يكون أحد مطمئناً إلى نفسه، ومغروراً بإيمانه أو أخلاقه وأعماله. كما ورد في الأحاديث الشريفة الأمر بالابتعاد عن معاشرة أهل المعصية.

* التوبة في عمر الشباب‏
إن اقتراف الذنوب وخاصة المعاصي الكبيرة، يجعل الإنسان غافلاً عن ذكر التوبة نهائياً. وإذا ما أثمرت وقويت شجرة المعاصي في مزرعة قلب الإنسان وتحكّمت جذورها، ستكون لها نتائج وخيمة: منها حثّ الإنسان على الانصراف كلياً عن التفكير في التوبة، وإذا تذكرها أحياناً تكاسل في إجرائها وأجّلها وقال: “اليوم أو غداً وهذا الشهر أو الشهر المقبل”، ويخاطب نفسه قائلاً: “إنني أتوب آخر العمر وأيام الشيخوخة توبة صحيحة”. وإنه يغفل عن أن هذا مكر مع الله ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (آل عمران: 54).

فلا يتوقع الإنسان أنه بعد أن تقوى جذور الذنوب في نفسه، يستطيع أن يتوب أو يقوم بتوفير شروط التوبة. إن أفضل أيام التوبة وربيعها هي فترة أيام الشباب. لأن الذنوب أقل، وشوائب القلب وظلمات الباطل أخف، وشروط التوبة أسهل وأيسر. وقد يكثر في سن الشيخوخة حرص الإنسان وطمعه وحبه للمال، ويزداد طول أمله وقد أثبتت التجربة ذلك. والحديث النبوي الشريف أفضل شاهد على هذه المقولة. وإذا افترضنا أن الإنسان يستطيع القيام بهذا العمل (التوبة) في سنّ الشيخوخة، فما هو الضمان للوصول إلى سن الشيخوخة وعدم إدراكه الأجل المحتوم أيام الشباب على حين غرّة، وهو مشغول بارتكاب الذنوب والعصيان؟ إن انخفاض عدد المسنين، دليل على أن الموت أقرب إلى الشباب منه إلى الشيوخ.

إننا في المدينة التي يبلغ تعدادها خمسين ألف نسمة لم نجد خمسين شيخاً يناهز عمر كل منهم ثمانين عاماً!. فيا أيها العزيز، كن على حذر من مكائد الشيطان. إذاً، أيها العزيز! عجّل في شدّ حيازيمك، وإحكام عزيمتك وقوّتك الحاسمة وأنت في أيام الشباب، أو على قيد الحياة في هذه الدنيا وتب إلى الله، ولا تسمح لهذه الفرصة التي أنعم الله بها عليك أن تخرج من يدك، ولا تعبأ بتسويف الشيطان ومكائد النفس الأمارة.

* قراءة القرآن والدعاء
وفي الحديث قال: “من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن، اختلط القرآن بدمه ولحمه”. والسّر في ذلك أنّ اشتغال القلب وتكدره في أيام الشباب أقل. لذا يتأثر القلب من القرآن أكثر وأسرع ويكون أثره أيضاً أبقى. وللدعاء وأمثاله دخل وتأثير في نظم هذا العالم، فلا ينبغي أن يختفي الدعاء من أوساط المجتمع، ولا ينبغي لشبابنا أن يعزفوا عن الدعاء. وليس من الصحيح الدعوة للعزوف عن الدعاء تحت شعار الدعوة لعودة القرآن، فهذا يعني تضييع الطريق إلى القرآن. هذه من الوساوس الشيطانية، فالشيطان يدعو إلى ترك الدعاء والحديث لفسح المجال للقرآن.

* قبل فوات العمر
فانتبه من نومك، واطْوِ طريق السعادة، واستفد من عمرك وقوّتك. فإن الوقت إذا انقضى وفاتك العمر الحاضر والشباب الموجود وفقدت كنز القدرة والقوة، فلا ينجبر أبداً. فإن كنت الآن في عهد الشباب، فلا تؤخر أمرك إلى الشيب، فإن للشيب مصائب لا يعلمها إلا الشِّيَّب، وأنت في غفلة عنها. إن الإصلاح في حال الشيب والضعف لمن الأمور الصعبة جداً. وإن كنت شايباً، فلا تدع بقية العمر تفوت منك، فإنك ما دمت في هذا العالم، فلك طريق إلى السعادة ولك منها باب مفتوح. فلا سمح الله، إذا أغلق هذا الباب وانسدّ هذا الطريق، فيخرج زمام الاختيار من يدك، ولا يبقى لك نصيب سوى الحسرة والندامة والأسف على ما مضى من أمرك. أنت لديك نعمة الشباب وقدرة الإرادة والأمل أن تستطيع سلوك طريق الصالحين. ولا يعني ما ذكرت أن تترك خدمة المجتمع وتعتزل وتكون كلاًّ على خلق الله، فإن هذه صفات الجاهلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock