كيف جمع النبي (ص) بين الشدة ورقة القلب؟

أمر القرآن الكريم رسول الله (ص) بالرحمة مع المؤمنين والغلظة والشدة مع الكفار ليقدم بذلك نموذجاً من قائد المجتمع الإسلامي.

وأشار إلى ذلك الأكاديمي الايراني والعضو في هيئة التدريس بمدرسة “القرآن والعترة” التابعة لجامعة طهران “هاني جيت جيان” في المحاضرة الـ32 من سلسلة محاضراته حول التدبر في سورة التوبة المباركة حيث تطرق الى “مخاطبة الرسول (ص) في سورة التوبة”.

فيما يلي مقطفات من محاضرة الأكاديمي الايراني “هاني جيت جيان”:

يصف القرآن الكريم رسول الله (ص) بالرحمة ورقيق القلب كما جاء في الآية الـ159 من سورة آل عمران المباركة “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”  ولكنه يأمره في الآية التاسعة من سورة التحريم المباركة بالشدة فيقول تعالى “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”.

وإن الآية دليل على أن الرحمة أمر أساسي لدى رسول الله(ص) وأن الشدة والغلظة قد تكونان في سلوك النبي محمد (ص).

فإن قائد المجتمع الإسلامي الذي يريد محاربة الطاغوت عليه أن يعرف كيف يجمع بين هاتين الصفتين.

وقال الله تعالى في الآية السادسة من سورة التوبة المباركة ” وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ” وقال في الآية 42 “لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ” وهي آيات تخاطب رسول الله (ص) لتحدد سلوكه وتعامله مع الآخرين وهو نبي الرحمة.

كما أن الله سبحانه وتعالى يكلف النبي(ص) “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”(التوبة / 51)، وجاء في الآية الـ65 من السورة “وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ”.

ويخاطب الله تعالى في الآيتين الـ80 والـ84 من سورة التوبة رسول الله(ص) ويقول: “اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ”، و”وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ”.