فكريةمجتمعمقالات

النظرة الفلسفيّة الأثيلة التي واجه بها الاستاذ المطهري ( رحمه الله ) العلوم الحديثة

المقدمة :

دخلت العلوم الحديثة المعاصرة العالم الاسلامي قبل ما يُقارب من مائتي سنة، وقد واجهت هذه العلوم أربعة انواع من ردود الفعل في مجال تقبّل العلوم الحديثة هذه في أقطار العالم الاسلامي.

 

1 اعتبر بعض علماء الاسلام العلوم المستحدثة غير منسجمة مع الدين الاسلامي وجعلوها خارج حيّز الاسلام. وعقيدتهم أنَّ وسيلة النجاة من التأخر والركود في بلدان العالم الاسلامي هي الالتزام بتعاليم الاسلام.

 

2 استقبل القسمُ الآخر العلوم الجديدة. بحفاوةٍ وبذراعين مفتوحتين واجتهدوا في العمل علي قبولها والخضوع لها والاقرار بها، وعقيدتهم أنَّ الطريق الوحيد في النجاة من تأخّر الدول الاسلامية هو تولي العلوم الحديثة وابدال النظرة الكونية الدينية بالنظرة الكونية العلمية.

 

انهم يعتقدون بان العلم هو المصدر الواقعي الوحيد لتنوير الأفكار.

 

3 أمّا القسم الثالث فقد حاولوا إراءة أوجه التناسق والتوافق والائتلاف بين الاسلام والعلم الحديث. ويمكننا تقسيم هذه المجموعة الي ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:

 

آ حاول البعض تبرير دراسة العلم الحديث علي مرتكز ديني.

 

ب حاول بعض العلماء أن ينسبوا كافة الأعمال العلمية الحديثة المعاصرة الي آي الذكر الحكيم، وقالوا ان اتخاذ العلوم الحديثة وسيلة يُساعد علي فهم حكمة بعض القوانين والنواميس الدينية. كما ان بعض هؤلاء يعتقد ان العلم التجربي قد وصل الي النتائج التي كان الانبياء قد خبروا بها قبل قرون عديدة.

 

ج أما المجموعة الثالثة فهي جادة وباجتهاد في البحث عن تفسير جديد للاسلام يُشيّدُ علي عبارة واحدة تكون الجسر الرابط بين الاسلام والعلم الحديث. وكان العالم الهندي سيد أحمد خان يبحث عن الهيّات طبيعية يتمكن بواسطتها أن يفسر أصول الاسلام الاساسية علي ضوء مستجدات العلم الحديث.

 

4 أخيراً فصل بعض الفلاسفة المسلمون مستجدات العلم الحديث عن ملحقاته الفلسفية. نعم كان هؤلاء يثنون ويمجّدون أبحاث العلماء الغربيين في اكتشافات اسرار الطبيعية، لكنهم يحذّرون المسلمين من موجبات مادية العلم الجديد. وفي نظرهم أنَّ العلم الحديث قادرٌ علي أن يعلّلَ بعض خواصّ دنيا الفيزياء، لكنه لا يتمكن أن يدّعي الإستحواذ علي كافة العلوم. يجب حصر العلم الحديث في سياق النظرة الاسلامية العالمية، ذلك السياق الذي يحتوي علي أعلي درجات العلم المعترف بها، ودور العلم يتحقق في تقرّبنا الي اللّه سبحانه وتعالي. نعم إنَّ الأستاذ المطهري يحلُّ في أعلي مستويات هذه المجموعة.

 

مُلتقي الاستاذ المطهري بالعلوم الحديثة :

علي خلاف بعض العلماء والأخصائيين المسلمين الذين يُحاولون تطبيق العلم الحديث بالقرآن المجيد والسنّة كان الأستاذ المطهري قد شغل البال بالمسائل العلمية الأساسية التي يمكنها اثارة الحزازات والمشاحنات بين علماء الدين وأخصائي العلوم الفيزيائية والطبيعية.

 

وهو نفسه يقول في هذا المضمار :

 

«أنا، ضمن مطالعاتي آثار وكلمات العلماء في هذا المجال، حاولت دائماً أن أقرأ عنصر أفكارهم بين سطور وكلمات كتاباتهم كي أفهم الباعث الذي جعل العالِمَ فلان هنا أن يستنبط استنباطاً فلسفياً ويدخل الموضوع ويخرج منه بنمط خاص، وما هي أصول الموضوعات التي سيطرت علي فكره، ثم دوّن آراءه نتيجة تلك السيطرة».(1)

كان يعتقد أنَّ أساس أختلاف المتدينين مع سُرَاةِ العلوم يتجلي في مقدمة النظريات الميتافيزيقية السائدة علي العلوم وتأطير بعض المتدينين موضوع العرفان والتوحيد والربوبية. ومن أجل بيان هذا الأمر نقدم بعض الأمثلة:

 

1 برهان النظم :

عندما ظهرت الافكار والعقائد التجربية للعلم الحديث زعم بعض علماء المسلمين أنَّ الإلهيات أيضاً يجب ان تتبع نسق وأسلوب وقاعدة العلوم التجربية، وطريق معرفة اللّه الوحيد هو دراسة الطبيعة دراسة علمية. ويجب اعتبار استدلال القرآن الكريم بالظواهر الطبيعية دليلاً علي جدارة وأهلية العلوم التجربية. حتي أن البعض قد لائم وطابق بين الحكمة القرآنية والفلسفة الوضعية (Positivism).(2)

كان المغفور له الأستاذ مرتضي المطهري يعترف بضرورة الإختيار الآلي من أجل معرفة الطبيعة ولا يستجيب الي أنَّ الطبيعة منوطة صرفاً بالحواس. ورؤيته أنَّ النشاط الفكري وتدبّر المتسجدات العلمية واجب حتمي كي يتمكن الانسان من اراءة تفسير توحيدي لهذا العالم. ان العلم التجربي قادر علي أن يقدِّمَ لنا آثار وجود الموجود، أما الاستنتاج عن وجود واجب الوجود مما أوجد، يحتاج الي نشاط وهمّة وصنيعة عقلية. نعم يتمكّن العلم وبأقصي حدوده أن يعرض لنا صفات اللّه سبحانه وتعالي، ولكنّه لا يتمكن أن يُجَسِّدَ لنا اللّه القادر، العالم المطلق، المدون في آي القرآن المجيد. كيف يمكن معرفة اللّه (وهو الأول والآخر والظاهر والباطن) من مطالعة قسم نزير محدود من الخلقة والفطرة والتكوين. إنَّ الوثبة من المتناهي الي اللامتناهي تستجوب فعالية عقلية واسعة:

 

«إنَّ السبل التي تُروي عن وجود الخالق بواسطة نظام الخلق وهداية المخلوقات هي خير نهج علي هذا الهدف، وهذا الخير لا يتعدي حدود التفات الانسان الي أن هذا العالم وهذه البسيطة كائن نلمسه ونتبيّنه، ويقع تحت طاقة مدبّرة تدبِّر نظم شؤونه، أو علي أعلي تقدير وجود نظم وتنسيق يشعر الانسان بمنظِّمِه ومنسِّقه الأوحد ولا أحد غيره… وأقصي ما جاء به العلم هو أنَّ منظّم ومنسق هذا العالم يعرف ما قام به من خلْقٍ ونظم وتنسيق. ولكن هل يتمكن العلم أن يُبرهن «وهو بكُلِّ شيءٍ عليمٌ».(3)

نعم إنَّ قوانين الفيزياء والكيمياء لم تكن صرفاً نتيجة حقائق تجربية، والوصول اليها يستوجب عملاً ذهنياً تفكيرياً. وفهم ذات المادة هو عمل تفكيري ذهني. وذلك لانَّ التجارب المختبرية الفيزيائية والكيميائية لا تمنحنا الاّ خصائص وصفات المادة.

 

كان الاستاذُ المطهري يقول: انَّ النظم والتنسيق في عالم الوجود يمكن ان يكون ناشيءً نتيجة سبب فاعلي أو نتيجة سبب غائي. فالنظم الناتج عن سبب فاعلي هو لكل معلول علّة، وهذه العلة بدورها علّة معلول سابق وهكذا دواليك. وهذا الأمر نظم متسلسل دائم الوجود بين الأشياء. أما النظم الناتج عن سبب غائي فالعلة هي التي تختار المعلول، يعني للعلة ادراك وتوسم للهدف المقصود. فالنظم السائد في عالم الوجود والدال علي وجود ما وراء الطبيعة هو نظم غائي.

 

وكان انتقاد الاستاذ المطهري للدكتور مهدي بازرگان(4) قائم علي أنَّ المرحوم بازرگان لم يجعل فرقاً بين النظم الفاعلي والنظم الغائي(5).

كان الاستاذ المطهري يؤكد علي أنَّ الاستدلال علي وجود اللّه (سبحانه وتعالي) بواسطة نظم الطبيعة السائد لا يتعدي كونه استدلالاً فلسفياً وليس استدلالاً تجربياً صرفاً. لانَّ ذلك الأمر يحوي مورداً فلسفياً ومورداً تجربياً. واذا لم نضع هذا نصب أعيننا فسوف يؤدي الي نفي ونقض هذا الاستدلال والاحتجاج. لقد سها «هيوم»(6) عن هذا المورد، وفي رأيه أنَّ هذا الاستدلال له سجيّة تجربية. لذا لا نتمكن بواسطته أن نبرهن علي وجود ربٍّ قادرٍ عالم للغيب، والنقطة التي سها عنها هيوم هي أنَّ مصداقية الدلالة التجربية تتجلي في مشاهدة السبب ثم البحث عن المسبب حيث نحصل عليه بوسيلة الطرق التجربية.

 

وحين نستخدم هذه الطريقة عندما نعمل بالأمور الطبيعية وفوق الطبيعية في آن واحد نراها عاجزة عن اداء المطلوب.

 

القيمة الحقيقية لبرهان النظم هي أنها تنقلنا الي الحد الفاصل فيما بين الفيزياء والميتافيزيقيا، وهذا يدلنا علي وجود حقيقة ما فوق الطبيعة. ولكن هل هذه الحقيقة واحدة أو أكثر، وهل هي متناهية أو غير متناهية، وهنا نري هذه النظرية عاجزة عن الاجابة، لان هذا الأمر يستوجب براهين أخري مستقلة منفردة.

 

2 نظرية دَروين (Darwin) المعروفة ب «نظرية التطور في الأجناس الحيّة» :

أهمل دروين النظرية القائلة «باستقرار الأجناس الحيّة» وتمسَّكَ بنظرية التطور حيث قال: يمكننا تعليل التكوين والخلق والإيجاد والنشأة للأجناس الحيّة حسب تطورها ووفق التقنية والمذهب الآلي وبقاء الأصلح.

 

كان دَروين يعتقد أنَّ الحياة قد وجدت بواسطة الحظّ والنصيب والصدفة ولم يكن مشروعاً أريد به خلق النوع. إنّ الانتظام والتنسيق الذي نشاهده في عالم الطبيعة نشأ عن تآزر الصدفة وانتخاب الطبيعة، قال ريشارد داكينز (Richard Dawkins): «انّ الصدفة والحظ مع الانتخاب الطبيعي وخلال مراحل قصيرة لا تُحصي ولا تعدّ وخلال عصور متمادية، قد حصلوا علي القدرة التي أوجدت معجزات مثل الديناسورات والانسان».(7)

إنَّ أكثر ما تمنحنا هذه النظرية هو تقديم التقنية (أو عرض المذهب الآلي) من أجل ايجاد نوع جديد. ولكن بعض اتباع المدرسة الدرونية لم يكتفوا بمحاربة افكار نظرية «استقرار الأجناس الحيّة» وتبديل نظرية دروين الي نظرية «تبديل النوع التدريجي» فحسب، بل زعموا (واستناداً الي هذه النظرية) حذف الحاجة الي خالق في هذه الكائنات. ومما غرب عن خلدهم هو أنَّ العثور علي ميكانيكية أو تقنية أي مادة ليس معناه أنَّ هذه المادة ذاتية لا صانع لها. ثمَّ لا يجحد الاعتقاد بتبديل صورة الخلق بواسطة اللّه (سبحانه وتعالي). وهنا يجب توضيح البدء والتكوين والايجاد، وما خُلِقَ دفعة واحدة أو خُلِقَ تدريجياً.

 

الشيخ ابو المجد محمد رضا الأصفهاني، من علماء القرن الماضي، كان قد أشار في كتاب كان قد نشره قبل تسعين سنة الي أنَّ نظرية «تطور النوع» لم تكن تخالف فكرة «الاعتقاد باللّه » سبحانه وتعالي. والذي يخالف فكرة «الاعتقاد باللّه » سبحانه هو التفسير المادي لهذه النظرية.

 

نعم إنَّ سوء الالتقاط المادي قد حوّل نظرية «تطور النوع» الي نظرية تناهض فكرة «الاعتقاد باللّه ».(8)

في العقود الأخيرة روّج بعض أخصائي «علم الأحياء» الزنادقة لمبدأ «تعارض نظرية التطور» لفكرة «الاعتقاد باللّه » سبحانه. يعتقد «داكينز» أنَّ تصور اللّه (جل وعلا) يناهضُ التحول الطبيعي.

 

«اللّه ُ والتحولُ الطبيعي يُكَوِّنانِ نظريتين وحيدتين عاملتين موجودتين لنا (ثم يُبيّنُ) لِمَ نحنُ موجودون؟»(9).

نعم إنَّ «داكينز» يعتقد ذاتياً أنَّ «نظرية دروين» جعلتنا في غني عن الخالق :

 

«لقد كان الدفاع عن الاعتقاد باللّه قبل (دروين) ممكناً، ولكن دروين جعل الملحد الزنديق قانعاً فكريّاً بما يعتقد»(10).

لم يلتفت «داكينز» الي أنَّ لا تناقض بين الإدعاء بأن الكائنات الحية كانت نتيجة التحول التكاملي الطبيعي، أو الإدعاء بأن تلك الكائنات كانت نتيجة تخطيط وتصميم أساسي ربّاني.

 

البطريق فردريك تمبل(11) قد أجاد في محاضرته الموسومة ب (Bampton) سنة 1884م، حيث قال :

 

«الأمر السائد في هذه الأطروحة (نظرية التطور) هو ليس البرهان والبيّنة علي التصميم ولكن طريقة وأسلوب وشاكلة تنفيذ التصميم… في موقف يخلق الخالق الحيوانات مرة واحدة كما نشاهده اليوم، وفي موقف آخر زوَّدَ ذرِات المادة طاقةً ومقدرةً حيثُ يمكنها وبمرور الزمن المألوف أنْ تخلق مخلوقات أشبه بالمخلوقات الكائنة حالياً»(12).

كما أنَّ الاستاذ المرحوم مرتضي المطهري قد التفت الي هذه السَّفْسَطَةِ والمراوغةِ والمغالطة أيضاً حيث صرح في كلمته التي القاها في 6/حزيران/1968م، الموافق (17/خرداد/1347ه.ش) بمقرّ جمعية الأطباء الاسلامية، وقال: لا اتصال ولا ارتباط ولا علاقة بين خلق المخلوقات دفعة واحدة وعلي غرّة، وأمر مسألة التوحيد والربوبية ومعرفة واجد الوجود سبحانه وتعالي لا من الناحية العلمية ولا من الناحية القرآنية. وليس معني التوحيد معرفة خلق المخلوقات دفعة واحدة أو تدريجياً، إنَّ هذا الإشتباه غلط أشاعوه ونشروه في القرن التاسع عشر الميلادي حيث روّجوا الي شعار «يجب الاعتراف بوجود واجب الوجود أو بنظرية التطور». ومنطقيّاً لا تضادَّ بين التوحيد وفكرة تطور الموجودات، وكان سبب التكوين والنشأة قد روَّجَ هذا التضاد الوهمي وهذا النوع من الأفكار القائلة بوجب البحث عن واجب الوجود في منعطفات ومجهولات العلوم الطبيعية.

 

نعم لا أهليت لنا أنْ نبحث مسائل الأحياء ولكن لنا الحق أن نري هل القوانين الطبيعية كافية لنصرة نظرية التطور الدروينية أم لا؟ يعني اذا لم تطرح أصول ما وراء الطبيعة فانَّ نظرية دروين لا توجيه ولا تبرير لها(13).

كان الأستاذ المطهري يعتقد بأنَّ هناك فرقتين ضالتين، الأولي تدافع عن التوحيد والايمان باللّه بواسطة النظرية القائلة بالتطور التدريجي للأنواع وأرادوا أن يبرهنوا

 

بانَّ المخلوقات ثابتة الشكل ولها بداية زمنية انطلقت منها؛ والثانية هي التي جانبت الاعتقاد باللّه (سبحانه وتعالي) من أجل البرهان علي العقيدة المادية (المذهب المادي) والتأكيد علي نظرية التطور. انَّ الرؤيتين المذكورتين ساعدتا علي الاعتقاد بأنَّ «نظرية تطور الأنواع التدريجي» نظرية مادية خالصة استُغلَّت كواسطة لمُنَاوَأةِ فكرة التوحيد.(14)

الأستاذ مرتضي المطهري كان يُشاطر المرحوم الدكتور سحابي في معتقده القائل: «بوجوب الفصل بين خِلْقَةِ وتكوين آدمَ عليه السلام ، ونشأة وتكوين الانسان. خُلقَ آدمُ متكامل الشكل الانساني، وكل ما ذكر في القرآن المجيد حول الاستدلال التوحيدي هو خلق الانسان، والغاية المنشودة من ذكر آدم عليه السلام في القرآن هي استذكار بعض النقاط الأخلاقية :

 

«انَّ قصة آدم عليه السلام موجودة في القرآن، ولكن لا أشارة فيها الي معرفة اللّه سبحانه وتعالي، ولا الي التوحيد، وكل ما ذكر فيها هو الدرس والعبرة، فانظر أيّها الانسان الي تكبر الشيطان وما كانت نتيجة التكبر، وانظر الي طمع آدم وما آل اليه ذلك الطمع، وهذا يعرض لنا درساً أخلاقياً لا درساً في التوحيد.

 

أما خلق سائر الناس فجاء في القرآن بشكل درس توحيدي»(15).

نعم لقد اتخذ الاستاذ المطهري هذا الأمر ذريعة في ازالة التعارض فيما بين خلق آدم ونظرية التطور التي اتخذها المخالفون عُروة ووسيلة في هذا المضمار.

 

3 أصالة الروح ومسألة الحياة :

مسألة الروح والجسد، وخاصة مسألة أصالة الروح من المسائل القديمة جداً. وبانتشار ورواج نظرية التطور، وفلسفة المذهب المادي (ماترياليسم)، والمذهب التجربي، حاول أغلب العلماء أن ينسبوا كافة المعالم والآثار المنسوبة الي الروح سابقاً الي عمليات مادية معقدة. وقد كان الاستاذ المطهري يعتبر كافة هذه السبل والعوامل شرطاً لازماً لآثار ومظاهر الحياة ولكنه شرط غير كاف:

 

إنَّ جمع وتركيب وتفريق وتآلف أجزاء المادة شرط لازم لتكوين مظاهر العيش والحياة، وليس بشرط كافٍ.(16)

وقد ردَّ المطهري رحمهم الله علي اولئك الذين يبشرون بظهور يوم يستطيع فيه الإنسان أن يُهيأ العوامل المادية ويكوّن آثاراً للحياة، قائلاً:

 

«عندما تجد الحياة استعداداً واهلية وقابلية لدي المادة علي الحياة تظهر فيها وتتكاثر. أو بعبارة أخري عندما تبدأ المادة مسيرتها التكاملية تظهر فيها ظواهر الحياة والعيش، وتحصل علي تقدم وازدهار لم يكن فيها، والنتيجة هي ظهور مظاهر ونشاط ودأبٍ خاصٍ لم يكن قائماً من قبل»(17).

بناءً علي هذا قد يصنع البشر جسماً حيّاً، ولكن هذا الامر لا ينسخ النصّ القرآني القائل بأن الحياة للّه وهو سبحانه وتعالي يُحيي ويُميت :

 

من المستحيل ان توفَّرت حالةٌ أو وضعٌ لمصدر خير أو منفعة، ولم يستتب أمرُ هذا الخير أو هذه المنفعة. ألم يكن اللّه الاحدُ صمداً وكاملاً وغير منقوصٍ مطلقاً، وفيّاضاً علي الاطلاق. ألم يكن واجب الوجود بالذات، وواجب الوجود من جميع الجهات والحيثيّات.

 

نعم اذا وصل الانسان الي درجة ايجاد الحياة، فإنَّ غاية ما وصل اليه هو أنَّه أوجد العوامل المناسبة لأسباب وجود الحياة وهذا ليس معناه خلق الحياة.(18)

ووجَّهَ الاستاذُ المطهري انتقاداً لبعض الإلهيين لكونهم أرادوا أن يبرهنوا علي أنّ الحياة من صنع الباريء عزّ وعلا فتوجهوا نحو بدأ تكوين ونشأة الحياة، فقال :

 

«هنا يجب أن نعرف سبب: لماذا يتَّجهُ الالهيون عادةً عندما يريدون البرهان علي أن الحياة ترتبط بالمشيئة الالهية يتّبعون أمر بدأ نشأة وتكوين الحياة. ولماذا لم يتَّبع القرآن الكريم في أسلوبه التوحيدي هذه الطريقة أبداً، لقد اعتبروا الحياة والتطور وبشكل مطلق ارادةً الهيةً، دون أن يضعوا حدّاً فاصلاً بين نشأة الحياة واستمرارها في البقاء.

 

والحقيقة هي أنَّ اختلاف منطق القرآن الكريم مع سائر مذاهب المنطق يستند علي اختلاف أساسي جذري وهو أنَّ هؤلاء الالهيين يبحثون وينقّبون عن أعلومة وامارة تدل علي الإله من خلال معلوماتهم السالبة وفي غياهب افكارهم لا من خلال الأفكار والدلائل الايجابية. يعني كلما ضاقت بهم الذريعة وعجزوا عن البرهان للدلالة علي المجهولات طرحوا اسم الإله ذريعةً».(19)

 

 

4 مسألة نشأة وتكوين العالم :

ترتبط مسألة نشأة الدنيا بوجود واجب الوجود ارتباطاً وثيقاً منذ غابر العصور والأزمان. ففي العصور الوسطي سادت الأوساط العلمية محاجات واستدلالات فلسفية مختلفة للدلالة علي وجود الباريء الخالق سبحانه وتعالي، أما خلال القرنين الماضيين وخصوصاً القرن العشرين فقد طال هذا البحث (التكوين أو أزلية العالم) المحافل والأوساط الفيزيائية. وكان أحد أهم الدلائل التي استخدمها الماديون ضد المؤمنين باللّه مسألة ازليّة العالم، والحقيقة السائدة في الأوساط العلمية في القرنين الأخيرين والي ما قبل طرح نظرية «الإنفجار الكبير» هي أنَّ العالم أزليٌّ. وبعد أن كشف «هابل» موضوع «انتقال نور المجرّة الي اللون الاحمر» والذي عُبِّرَ عنه باتساع العالم، ظهر في سماء العلوم نظريةٌ تُسمَّي نظرية (الانفجار الكبير)، وأعقب هذا أنَّ كثيراً من علماء الفيزياء المؤمنين باللّه سبحانه وتعالي قد اتّخذوا هذا دليلاً علي خلق الكائنات والنشأة الأولي. وعندها نهض الفيزيائيون الملحدون في البحث عن مهربٍ ومفرٍّ ومحيصٍ من الابتداء الزمني للكائنات، ولايزال هذا الجدال قائماً الي يومنا هذا، وعلي الرغم من أنَّ بعض علماء الفيزياء أذعنوا الي أنَّ عدم وجود الابتداء الزمني للعالم لا يكون دلالةً علي أنَّ العالم مكتفٍ بذاته وهو مستقلٌ عن السلطة الالهية. قال «پل ديويس»: «من الصواب القول أن ليس للعالم ابتداء زمني، ووجوده لا يُفسِّر ولا يُخبر بماهيّة شكله ومظهره وهندامه وما هو عليه»(20).

وكان الاستاذ المطهري يؤكد علي أنَّ مسألة الحصر المكاني للعالم أو عدمه وكذلك إنْ كان العالمُ ازليّاً أم لا، لا أثر لهما علي مسألة «التوحيد»، كما إنَّ البعض يعتقدُ بالزامية ووجوب الابتداء الزمني لحدوث العالم للاعتقاد بوجود اللّه جلّ وعلا، وهذا الاعتقاد هفوة وخطأ ووهم.

 

«لماذا نستقصي اليوم الأوّل للبدء ونقول : ان العالم خُلِقَ خلال لحظة؟ إنَّ العالم وخلال جميع اللحظات في حالة وقوع وحدث وإنشاء، ولا خلود في هذه الدنيا. لابقاء لأيّ كائن في هذا العالم كلَّ اللحظات… الكون في حالة تحوّل وتحويل وتبدّل دائماً».(21)

استناداً الي المبادئ التوحيدية يجب القول: أن لا بداية للكائنات (لأنَّ اللّه قديمُ الإحسان)، وان كان لهذا العالم بداية، فَمِنَ المحتَّم أنَّ هذا العالم كان خلفاً لكائنات أخري كانت قائمة بشكل آخر من الأشكال(22).

يقول الأستاذ المطهري : «من الممكن أن تكون نظريتهم صحيحة ويكون رأيهم صائباً اذا رجعنا الي الماضي، إنَّ هذا العالم لم يكن بهذا النظم، وما هو الشاخص علي أن، لم يكن هناك عالم آخر»(23).

 

 

5 أصل العلة والمعلول (أصل العليّة) :

يعترف الفيزيائيون القدامي بأصل العلية ويعتبرونه اصلاً لا يجوز تجاوزه، ويعتقدون أنَّ فهم أصول وقواعد الفيزياء والحال الابتدائي لأي نظام، يمكننا التَّنبّوءَ بمستقبل ذلك النظام، وفي سنة 1927م حصل «هايزنبرگ» علي رابطةٍ عُرِفَتْ ب «روابط الأفتقار الي القطعية». ووفق هذه القاعدة (أو الروابط) لا يمكن للعالم ان يعيّن في آن واحد سرعة ومكان أي جسم بدقة كاملة. واذا امعنَّا النظر وكرّسنا جهودنا وبدقة في واحد منهما فقدنا الدقّة اللازمة في الآخر. استخلص «هايزنبرگ» من هذا الأمر أنَّ علم قياس المعرفة وليد علم الوجود وهذا يعني حذف وإبعاد «نظرية العلية». كما أنكر حتي النظرية القائلة بأن «العلية» تكون في أسفل درجات السلَّم، واعتبرها نظرية عقيمة غير مثمرة وعديمة التأثير لا طائل فيها.

 

«بما أنَّ السجية والطبيعة الأحصائية لنظرية الكوانتوم (نظرية الكم) ترتبط ارتباطاً وثيقاً في موضوع عدم دقة كافة التأثيرات الحسيّة، ومن الممكن أن يفتكر شخص ما أنَّ بعد هذا العالم الواقعي المدروس هناك عالم آخر حقيقي تسوده «العلية». اذا أردنا الاجابة وبصراحة علي مثل هذه البحوث والدراسات، لا نستطيع الاّ أن نقول: إنّ هذه الأفكار والبحوث ليست سوي أقوال بتراء عديمة الفائدة لا طائل فيها ولا جدوي… إنّ نظرية الكوانتوم (نظرية الكم) تؤكد بقوة نظرية نقض (النظرية العلية)».(24)

كان پلانك (Planck)، ونرنست (Nernst)، واينشتاين (Einstein)، و…. قد هاجموا الفكرة القائلة أنَّ قوانين الفيزياء تنحصر في مجال الأعداد والأرقام، واعتبروا هذا القول صادر عن الجهل البشري، وهناك عدد من الفلاسفة وعلماء الفيزياء كانوا قد رحّبوا بفكرة «هايزنبرگ» وتقبّلوها تقبلاً حسناً، واعتبروها الطريق المفضل في حسم معضلة الاختيار الانساني. وكان استدلالهم هو بما أنَّ الانفعالات النفسية ترتبط وتلازم الأنفعالات والعمليات الفيزيائية وهذه بدورها غير معيّنة لذا فثمّة حيّز ومجال يُفتح لحرية الانسان.(25) نعم لقد أكد اينشتاين في حينه أن لا تعارض بين حرية الانسان وسيادة مبدأ «العلية»(26).

وبعد استقرار «روابط عدم القطعية» في عالم الفيزياء وسيادة فكرة الحظّ والنصيب في عالم العلم، رفع بعض علماء الاسلام راية نظرية الأشعرية التي كانت في طي النسيان، ومن أجل اثبات ادعائهم اتخذوا نظرية «الكوانتوم» ذريعة.(27)

ومن أجل رفض ودفع آراء علماء الفيزياء الكوانتوميين قدَّمَ الأستاذ المطهري النقاط التالية(28):

1 نحن لا نرغب الوقوف بوجه نظريات كبار علماء الفيزياء ونُفَنِّدُ آراءهم، وكلُّ ما نرغبه هو انتقاد استنباطاتهم الفلسفية.

 

2 كوَّن قانون العلية وفروعه (مثل قانون وجوب العلية والمعلولية وقانون سنخية العلة والمعلول) قانوناً فلسفياً، ولا يمكن اثبات ونفي القوانين الفلسفية الا بالأصول الفلسفية. وبناءً علي هذا لا يمكن للعلوم ان تؤيد او تنقض هذه القوانين، كما لا يمكن للعلوم الاستغناء عنها، لذا يجب علي العلوم أن تتقبل قانون العليّة وفروعه علي اعتباره أحد الأصول السائدة.

 

ونري «پلانك» قد ذهب الي نفس ما أشار اليه الاستاذ المطهري، حيث قال :

 

«من المحتمل أنَّهم قالوا: إنّ قانون (العليّة) لا يتعدي كونه فرضاً. ولكن هذا الفرض لا يماثل الفروض الأخري، لانه فرض أساسي أثيل، وذلك لانه فرض واجب يمنح المعني للفروض الأخري عند الاستفادة منها في البحوث العلمية»(29).

3 حذف أصل «العليّة» من العلوم، يزعزع سيادة هذا القانون من هذا العالم الواسع، لان قانون «العليّة» يربط عالم الوجود ببعضه. وكما قال العالم الشبستري :

 

«اگر يك ذره را برگيري از جا فرو ريزد همه عالم سراپاي»، يعني
إذا زَحْزَحْتَ ذرَّةَ مِنْ مَكانٍ يَزُولُ لأجلها كلُّ الوجود

4 لم يتنبأ علم الذرَّة بشكل دقيق شيئاً في هذا المضمار، وهذا ليس معناه أنَّ قانون «العليّة» لا اعتبار له، ولكن لا دليل لدينا يقول أنَّ العلوم السائدة اجتازت كافة الحدود وحصلت علي جميع العوامل اللازمة. انَّ عجزنا عن التنبأ يمكن ان يكون منبعثاً عن جهلنا لبعض العوامل المجهولة لدينا الي زمننا الراهن. وقد أكّد بعض علماء الفيزياء المعاصرين علي هذه النقطة.

 

وقد بين «هنري إستب = Henry Stapp» وهو من أكابر أنصار نظرية الكوانتوم هذا الأمر وبشكل حَسَنٍ حيث قال :

 

«تعتبر نظرية الكوانتوم المعاصرة هذه الحوادث (يعني: النهضة الذرية) علي اعتبارها تقلّبات او تحولات عرضية عفوية، وبتعبير آخر تعيّن هذه النظرية المكانة والرزانة الإحصائية لهذه الحوادث، وهذا من الناحية العملية، يعني أنَّ هذا الحدث سيقعُ أو أنَّ هذه الحادثة لا تَتَّفِقُ مع مفهوم النظرية المعاصرة.

 

ولا تخبرنا هذه النظرية الفيزيائية المعاصرة أكثر من هذا، ومن المؤكد أنَّ العلم لا يبقي متحفظاً الي ما شاء اللّه . كما يدعي عدد كبير من علماء الفيزياء المعاصرين أنَّ من الممكن والمقنع أن نقول: إنَّ الانتخاب لا منشأ له.

 

وأنا أعتقد أنَّ هذا الاحتمال لا يمكن قبوله كعنوان ايضاحي لوضع العلم الراهن، أما العلم فلا يجب أن يبقي بدون قلق واضطراب علي ما هو عليه الآن، يجب السعي المتواصل، حيث يشمل هذا السعي كافة فروع العلوم… وفي مجال أوسع، وأنَّ الإدعاء، بأن الانتخاب لا منشأ له يجب ان يكون اعترافاً بالجهل القائم فعلياً(30).

نعم ان بعض العلماء لايزالون يعتقدون بأن لا نتغافل او نهمل العوامل غير الفيزيائية. وفي بيان هذه العقيدة قال البروفسور «جان بايل – John Byl» عالم الرياضيات الكندي المعروف: «من أجل الدلالة علي هذا نفرض أنَّ شخصاً ما، تمكن ان يثبت فقدان العامل الفيزيائي في المجريات الذرية. فلا يكون هذا خاتمة المطاف، وذلك لانه فتح باب ظهور العوامل غير الفيزيائية، ومن الجائز أن تكون هذه العوامل من مكونات الفكر البشري أو الموجودات الأخري كالملائكة أو الشياطين، ويمكن أن تكون من صنع الباريء سبحانه وتعالي.

 

والعوامل غير الفيزيائية هذه وحسب التعريف السائد، تكون فيما وراء البحث والاستقصاء. إذاً لا يحقُّ لنا علمياً الإدعاء بأنَّ فقدان العوامل الفيزيائية في عملٍ ما، ينفي وجود أي عوامل أخري»(31).

إن عدم الوقوف عند نظرية الكوانتوم المشهورة يُعتبر مسيرةً قطع مفازتها بعض علماء الفيزياء أمثال (بوهم – Bohm). أوجد البروفسور «بوهم» المذكور نظرية المخفيات المتغيرة، وتعطي هذه النظرية كافة النتائج التي قدمتها نظرية «الكوانتوم» أضافةً الي مبدأ العلية.

 

5 إذا سادت نتائج أي اختبار وعمّمت كقانون، تكون ذات معني اذا أخذت بنظر الاعتبار قانون «العلية».

 

وقد اشار البروفسور «پلانك – Planck» الي نفس هذا المنطق حيث قال :

 

«كلُّ فرضية تتخذ شكل قانون قطعي يجب ان تؤكد علي وجوب أصل «العليّة».(32)

6 عدم اعتبار أصل «العليّة» يؤدي الي عدم الاستدلال، لان الإثبات والدليل عامل مهم من عوامل قبول النتائج، واذا لم يرتبط الإثبات بالنتائج، فلا يؤدي الإثبات الي نتيجة.

 

7 إنَّ بعض العلماء أمثال «جينز» تمسكوا بموضوع التفويض والإختيار، وجعلوه دليلاً علي نقض «العلية»، وهذا ناشيءٌ عن اشتباههم في معني التفويض والإختيار الانساني. إنَّ معني التفويض والاختيار هو أننا مطلقي الحرية فيما نريد، وهذا يحصل بشكل ذاتي ارادي وبدون علة وسبب أو بعبارة أخري، هو أننا أحرار فيما نرغبُ وما لا نرغب، ونحن احرار بالنسبة للفعل الخارجي، أما بالنسبة للمقدمات النفسية لهذا الأمر فلا.

 

ومما يلفت النظر أنَّ كافة النقاط المشار اليها قد أشار اليها الأستاذ المطهري في المقالة التاسعة من كتابه «أصول فلسفة وروش رياليسم = أصول الفلسفة ومنهج المذهب الواقعي»، ثم أكد عليها فيما بعد عدد من كبار علماء الفيزياء امثال «دوبروي – De Broylie» و«ديراك Dirac».

 

والحقيقة أن العالمين المشار اليهما أعلاه كانا قد أظهرا تعاطفهما مع منهج الفيزياء العلية(33)، وفي العقدين الأخيرين كان «للميكانيكيا الكوانتومية لبوهمي Bohmian quantum mechanics» مكانة في أفكار وعقائد أنصار لها ظهروا علي مسرح عالم الفيزياء.

 

الهوامش :

 


1. مرتضي مطهري. «توحيد وتكامل». مجموعه آثار، ج13 (تهران: انتشارات صدرا، 1374) ص65.

 

2. عفيف عبدالفتاح طبارة، روح الدين الاسلامي (بيروت: دار العلم للملايين، 1982)، ص270.

 

3. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج4 (تهران: انتشارات صدرا، 1374)، صص 209217.

 

4. استاذ جامعة طهران ورئيس وزراء الجمهورية الاسلامية أبان الثورة الاسلامية.

 

5. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج4 (تهران: انتشارات صدرا، 1374)، صص 8687.

 

6. دافيد هيوم (Hume) – (1711 1776م) فيلسوف ومؤرخ اسكتلندي، منشئ الفلسفة الظاهرية التي تنبثق من فلسفتي لوك (Locke). وبيركلي. له كتاب «محاولات في الادراك البشري».

 

.7Quoted in M Pool, “A critique of aspects of the philosophy and theology of Richard Dawkins”, Scknce and Christian Belief, 6:1, 41.

 

.8Adel A.Ziadat, Western Science in the Arab World (London: The Macmillan Press Ltd., 1986), P.96.

 

.9R. Dawkins, The extended Phenotype (Oxford: OUP, 1982),p.181.

 

.10R. Dawkins, The Rlind Watch Maker (New Yoek: W.W. Norton & Co., 1987), p.6.

 

.11Archbishop Fredrick Temple.

 

.12Quoted in M.Poole, pp.cit.,p.52.

 

13. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج4، ص220.

 

14. المصدر السابق، صص 223224.

 

15. المصدر السابق، ص164.

 

16. مرتضي مطهري، «اصالت روح»، مجموعه آثار، ج13، ص38.

 

17. المصدر السابق، ص 4142.

 

18. مرتضي مطهري، «قرآن ومسأله اي از حيات»، مجموعه آثار، ج13، صص 5859.

 

19. المصدر السابق، ص 55.

 

.20Paul Davies, The Mind of God (London: Simon & Schnster, 1992), P.56.

 

21. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج4، ص 169.

 

22. المصدر السابق، ص38.

 

23. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج10 (شرح مبسوط منظومه)، تهران: انتشارات صدرا، 1375)، ص 405.

 

.24Quantum Theory and Measurement, edited by J. Wheeler and W.H.Zurek (Princeton: Princeton University Press, 1983),p.83.

 

.25Max Jammer, “Indeterminancy in Physics”, in P.P. Winer (ed), Dictionary of the History of Ideas (New).

 

.26T.Benagen, “struggle with Causality”, Science in Context, 6,No.1,P,306.

 

.27K. Narding, “Causality Then and Now: al-Ghazali and Quantum Theory”, American Joutnal of Islamic Social Sciences, 10,No.2,pp.165-177.

 

28. مرتضي مطهري، مجموعه آثار، ج6 (اصول فلسفه و روش رياليسم)، (تهران: انتشارات صدرا، 1377)، صص 671691.

 

.29M.Planck, The New Sciences (USA: Meridian Bools, 1959), p. 104.

 

.30H.P.Stapp, Mind, Matter and Quantum Mechanics (New York: Springer – Verlag, 1993), P.216.

 

.31J.Byl, “Indeterminancy, Divine Action and Human freedom”, Science and Christian Belief, 15, No. 2, Oct. 2003.

 

.32 M. Planck, op. cit., p. 104.

 

33. مهدي گلشني، «از عدم قطعيت تا عدم يقين»، دراسة في الآراء الفلسفية لعلماء الفيزياء المعاصرين (تهران: انتشارات فرزان، (1380)، صص 164166.

* رئيس معهد العلوم الانسانية والدراسات الثقافية وزارة التعليم العالي واستاذ كلية الفيزياء بجامعة الشريف الصناعية بطهران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock