فكرية

مع الإمام الخامنئيّ: زوال الكيان الصهيونيّ قـد بـدأ

السلام على أحرار العرب جميعاً وخاصّة الشباب منهم، والسلام على الشعب الفلسطينيّ المقاوم، وعلى المقدسيّين المرابطين في المسجد الأقصى. السلام على شهداء المقاومة وعلى رعيل المجاهدين الذين ضحّوا بحياتهم على هذا الطريق، وأخصّ بالذكر الشهيد الشيخ أحمد ياسين، والشهيد السيّد عبّاس الموسويّ، والشهيد فتحي الشقاقي، والشهيد عماد مغنيّة، والشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد أبا مهدي المهندس، ثمّ القامة الرفيعة لواء شهداء المقاومة الشهيد قاسم سليماني… فكلّ واحد من هؤلاء قد ترك بشهادته آثاراً مهمّة في بيئة المقاومة بعد حياته المعطاءة المباركة. إنّ تضحيات الفلسطينيّين، والدماء الطاهرة لشهداء المقاومة استطاعت أن تحافظَ على هذه الراية المباركة مرفوعةً، وأن تُضاعف القدرة الذاتيّة للجهاد الفلسطينيّ مئات المرّات.

•أقوى ممّا مضى
إنّ الشابّ الفلسطينيّ كان يدافع عن نفسه بالحجارة، واليوم، فإنّه يردّ على العدوّ بإطلاق الصواريخ الدّقيقة.

لقد ورد ذكر فلسطين والقدس في القرآن الكريم باسم “الأرض المقدّسة”، وهذه الأرض الطاهرة تَقبَعُ تحت وطأة أكثر أبناء البشر رِجساً وخُبثاً، منذ عشراتِ السنين. هؤلاء الشياطين الذين يسفكون دماء الشرفاء، ثمّ يعترفون بذلك ويُقرّون بكلّ وقاحة، إنّهم عنصريّون، مارسوا القتلَ والنهب والسجنَ والتعذيب ضدّ أصحاب الأرض منذ أكثر من سبعين عاماً، لكنّهم، لم يستطيعوا أن يكسروا إرادتهم، ولله الحمد.

إنّ فلسطين حيّةٌ، وهي تواصل جهادَها، وسوف تستطيع بعون الله أن تهزمَ العدوَّ الخبيث في النهاية. القدسُ الشريف وفلسطين، كلّ فلسطين، هي للشعب الفلسطينيّ، وستعود إليهم إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.

•الوحدة: أعظم سلاح
إنّ الحكومات والشعوب المسلمة بأجمعها تحمل واجباً إزاءَ القضيّة الفلسطينيّة، وتقع عليها مسؤوليّة، لكن محورَ هذه المجاهَدة هم الفلسطينيّون أنفسهم، وهم أربعة عشر مليوناً داخل الأرض المحتلّة وخارجَها. والعزيمةُ الموحّدة لهذه الملايين من شأنها أن تحقّق إنجازاً عظيماً. إنّ الوحدةَ اليوم هي أعظمُ سلاحٍ للفلسطينيّين. وأعداءُ هذه الوحدةِ هم الكيان الصهيونيّ وأمريكا وبعض القوى السياسية الأخرى، ولكن هذه الوحدةَ إن تماسك داخلها في المجتمع الفلسطينيّ، فسيعجز الأعداء عن فعل أيّ شيء أمام قوّتها.

إنّ محورَ هذه الوحدة يجب أن يكون الجهادَ الداخليّ وعدمَ الثقة بالأعداء. والسياسات الفلسطينيّة ينبغي أن لا تعتمد على العدوّ الأساسيّ للفلسطينيين أي أمريكا والإنجليز والصهاينة الخبثاء.

الفلسطينيّون، سواء في غزة أم في القدس أم في الضفّة الغربيّة، وسواء كانوا في أراضي 1948م، أم في المخيّمات، يشكّلون بأجمعهم جسداً واحداً، وينبغي أن يتّجهوا إلى استراتيجيّة التلاحم، بحيث يدافعُ كلُّ قطاعٍ عن القطاعات الأخرى، وأن يستفيدوا حينَ الضغطِ على تلك القطاعات من كلّ ما لديهم من مُعدّات.

•الأمل في النصر
إنّ الأمل في النصر اليوم هو أكثر ممّا مضى. موازينُ القوى تغيّرت بقوّةٍ لصالح الفلسطينيّين. العدوّ الصهيونيّ يهبط إلى الضُعف عاماً بعد عام، وجيشُه الذي كان يقول عنه إنّه “الجيش الذي لا يُقهر” هو اليومَ بعد تجربةِ الثلاثة والثلاثين يوماً في لبنان، وتجربة الاثنين وعشرين يوماً، ثمّ تجربة الأيّام الثمانية في غزّة، قد تبدّل إلى “جيشٍ لن يذوقَ طعم الانتصار”. هذا الكيان المتبجّح في وضعه السياسيّ، قد اضطُرّ خلال عامين إلى إجراء أربعةِ انتخابات بعد هزائمه المتلاحقةِ. وإنّ رغبة اليهودِ المتزايدةِ في الهجرة العكسيّة تشهد فضيحةً تلو فَضيحة.

•التطبيع حرام شرعاً
إنّ الجهود المتواصلة التي بذلتها بعض البلدان العربيّة للتطبيع، بمساعدة أمريكا، هي بحدّ ذاتها مؤشّر على ضعفِ هذا الكيان. وطبعاً، سوف لن تجديه نفعاً. فقد سبق أن أقام علاقات مع مصر، ولكن منذ ذلك الوقت حتّى الآن والعدوّ الصهيونيّ أكثر ضعفاً وأكثر تصدُّعاً. تُرى مع كلّ هذا، هل إنّ العلاقاتِ مع عددٍ من الحكوماتِ الضعيفةِ والحقيرة قادرةٌ على أن تنفعه؟! بل هل تنتفع تلك الحكومات من هذه العلاقات؟! فالعدوّ الصّهيونيّ يعيثُ فساداً في أرضها وأموالها وأمنها.

إنّ هذه الحقائق يجب أن توقظ الآخرين تُجاه مسؤوليّاتهم الجسيمة إزاء هذا التحرّك. فالعُلماء المسلمون والمسيحيّون يجب أن يُعلنوا أنّ التطبيع حرامٌ شرعاً، وأن يَنهض المثقّفون والأحرار بشرح نتائج هذه الخيانة التي تُشكّل طعنةً في ظهر فلسطين إلى الجميع.

•غد مشرق
في المقابل، فإنّ العدّ التنازليّ للكيان الصهيونيّ، وتصاعد قدرات جبهةِ المقاومة، وتزايدَ إمكاناتها الدفاعيّة والعسكريّة، وبلوغَ الاكتفاء الذاتيّ في تصنيع الأسلحة المؤثّرة، وتصاعدَ الثقة بالنفس لدى المجاهدين، وانتشار الوعي الذاتيّ لدى الشباب، واتّساعَ دائرةِ المقاومة في جميع أرجاء الأرض الفلسطينيّة وخارجها، والهبّة الأخيرة للشباب الفلسطينيّ دفاعاً عن المسجد

الأقصى، وانعكاس أصداء جهاد الشعب الفلسطينيّ ومظلوميّته في آنٍ واحد لدى الرأي العام في كثير من بقاع العالم.. كلّها مؤشرات تُبشّر بغدٍ مُشرق.

•دعوة إلى استفتاء
إنّ منطق النضال الفلسطينيّ، والذي سجّلته الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في وثائق الأمم المتّحدةِ، هو منطقٌ راقٍ وتقدّميّ. بات المناضلون الفلسطينيّون يستطيعون بموجبه إجراء استفتاء بين السُكّان الأصليّين لفلسطين. وهذا الاستفتاء يُعيّن النظامَ السياسيّ للبلد، وسيُشارك فيه السكّان الأصليّون، من كلِّ القوميّات والأديان، ومنهم المبعدون الفلسطينيّون خارج بلادهم. كذلك، يتمكن النظام الجديد من أن يعيدُ المُبعدين إلى الداخل، وأن يَبُتَّ في مصير الأجانب المستوطنين. إنّ هذا المشروع يقوم على قاعدة الديمقراطيّة الرائجة المعتَرَف بها في العالم، ولا يستطيع أحد أن يُشكّك في رقيّه ونَجاعَته. يجب أن يواصل المُجاهدون الفلسطينيّون باقتدارٍ نضالَهم المشروع والأخلاقيّ ضدّ الكيان الغاصب؛ حتّى يرضَخَ هذا الكيان لقبول هذا الاستحقاق.

تحرّكوا باسم الله إلى الأمام واعلموا أنّه ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ (الحج: 40).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(*) كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله في يوم القدس بتاريخ 07/05/2021م، توجّه فيها إلى الشباب العربيّ باللغة العربيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock