دينية

التجربة الحيّة للثورة الإسلامية في إيران

إنتصار الثورة الإسلامية

بعد أن تحدَّث الإمام المقدَّس عن القائد ومجلس القيادة، وأهمّيّة هذا الموقع بالنسبة إلى الأمّة الإسلاميّة، أخذ قدس سره يذكر مجموعة مهمّة من القضايا،

بعد أن تحدَّث الإمام المقدَّس عن القائد ومجلس القيادة، وأهمّيّة هذا الموقع بالنسبة إلى الأمّة الإسلاميّة، أخذ قدس سره يذكر مجموعة مهمّة من القضايا، منها: العدالة في القضاء الإسلاميّ، وكيف يجب أن تكون المقاييس والموازين في هذه العمليّة الدقيقة، ثمّ عاد ليتحدَّث قليلاً عن الحوزات العلميّة، مُحذِّراً إيّاها من أن تُخترق من قِبَل المعادين للإسلام، وكيف يجب أن تُنظَّم هذه الحوزات العلميّة حتّى لا تُخترق، ومنها السلطة التنفيذيَّة ومهمّتها الدقيقة في قيادة الأمور، ومنها أيضاً تطهير السفارات من المظاهر الطاغوتيّة الموروثة من نظام الشاه البائد، ومنها الموضوع العلمائيّ، وكيف يجب أن يكون العلماء في الدعوة إلى اللّه (عزَّ وجلّ)، ومنها الأمور الواجبة على وزارة الإرشاد وعلى مختلف مراكز التربية والتعليم في دفع عجلة الإعلام الإسلاميّ إلى الأمام، ومنها أهمّيّة الاهتمام بالقوَّات المسلَّحة، ثمّ بعد ذلك أهمّيّة أن لا يتحزَّب أعضاء القوى المسلَّحة لأيّ جانبٍ من الجوانب الحزبيَّة في المجتمع الإسلاميّ، ثمّ بعد ذلك عاد الإمام قدس سره ليتحدَّث مع الذين يعادون الحكومة الإسلاميّة، ويوجّه لهم النصائح ولمؤيديهم أيضاً. وفي نهاية هذه المنعطفات يتحدّث الإمام قدس سره عن الحركات الإسلاميّة التي أخطأت هدفها، وكيف يجب أن تعود إلى الجادَّة، وبعدها إلى أولئك الذين يثيرون الانتقادات من أجل الانتقادات ليس إلّا، يقف الإمام قدس سره ليقول: إنّ هروبنا من الغرب لا ينبغي أنْ يوقعنا في أحضان الشرق، وإنّ هروبنا من الشرق لا ينبغي أنْ يوقعنا في أحضان الغرب، وإنّما يجب علينا أن نعادي كلا المعسكريْن، لأنّ الإسلام يملك الوجهة السياسيّة والاجتماعيّة القادرة على هذه المسألة. كما ويحذّر الإمام قدس سره هنا في هذا المجال كلّ أولئك الذين يثيرون الدعوات المشبوهة، خصوصاً ممّن تلبَّس بزيّ العلماء. ويصل الإمام قدس سره في نهاية المطاف إلى نهاية وصيّته الخالدة، ليتحدَّث مع مستضعفي العالم ومع الشعب الإيراني المسلم.

يقول الإمام قدس سره:
“وصيّتي إلى جميع مسلمي العالم ومستضعفيه هي: يجب ألّا تجلسوا منتظرين إلى أن يأتي حكام بلدكم ومن يعنيهم الأمر أو القوى الأجنبية ويجلبوا الاستقلال والحرية هديّة لكم.

نحن وأنتم شاهدنا، وعلى الأقلّ في السنوات المائة الأخيرة، هذه التي دخلت فيها أقدام القوى العالمية الكبرى بالتدريج إلى جميع البلاد الإسلاميّة وسائر البلاد الصغيرة، شاهدنا وشاهدتم أو حدثتنا به التواريخ الصحيحة أنَّ أيّاً من الحكومات الحاكمة في هذه البلاد لم ولن تفكر في حرية شعوبها واستقلالها ورفاهيتها، بل إنّ أكثريتها الساحقة إما أنها تمارس على شعوبها الظلم والكبت وكل ما فعلته فهو لمصالحها الشخصية أو الفئوية وإما أنها تسعى لرفاهية الشريحة المرفهة والمترفة فيما الطبقات المظلومة من ساكني الأكواخ والأقبية محرومة من كلّ نعم الحياة، حتّى من أشياء مثل الماء والخبز وما يسدّ الرمق وقد سخرت الحكومات أولئك البائسين لخدمة الطبقة المرفهة والماجنة أو إنها كانت أدوات للقوى الكبرى التي استعملتها لتحقيق المزيد من تبعية الدول والشعوب، فحوّلوا هذه الأوطان بالحيل المختلفة إلى أوطان استهلاكية وهم الآن يسيرون وفق هذه الخطة وأنتم يا مستضعفي العالم ويا أيتها الحكومات الإسلاميّة ومسلمي العالم، انهضوا وخذوا حقكم بقبضاتكم وأسنانكم ولا تخافوا الضجيج الإعلامي للقوى الكبرى وعملائها العبيد واطردوا من بلادكم الحكام الجناة الذين يسلمون نتاج تعبكم إلى أعدائكم وأعداء الإسلام العزيز ولتأخذ الطبقات المخلصة الملتزمة بزمام الأمور واتحدوا جميعاً تحت راية الإسلام المجيدة وهُبُّوا للدفاع بوجه أعداء الإسلام وعن محرومي العالم، وامضوا قُدماً لإقامة دولة إسلاميّة واحدة تتألف من جمهوريات حرة ومستقلة، فإنكم بتحقيق ذلك تضعون حدّاً لجميع المستكبرين في العالم وتحققون إمامة المستضعفين ووراثتهم للأرض، على أمل ذلك اليوم الذي وعد به الله تعالى.

مرّة أخرى في نهاية هذه الوصية أوصي شعب إيران الشريف بأن حجم تحمل المشقات والآلام والتضحيات وبذل الأرواح والحرمان في العالم يتناسب مع حجم وعظمة الهدف وسموه وعلو مرتبته، وما نهضتم من أجله أيُّها الشعب الشريف والمجاهد وأنتم ماضون فيه وبذلتم من أجله الروح والمال وتبذلون، هو أسمى وأعلى وأثمن هدف وغاية طرح_ ويطرح _ منذ صدر العالم في الأزل وبعد هذا العالم إلى الأبد، وهو مبدأ الألوهية بمعناه الواسع وعقيدة التوحيد بأبعادها السامية التي هي أساس الخلق وغايته في رحاب الوجود وفي درجات ومراتب الغيب والشهود وقد تجلى ذلك في المدرسة المحمدية صلى الله عليه وآله وسلم بتمام المعنى والدرجات والأبعاد، وكانت جهود جميع الأنبياء العظام عليهم السلام والأولياء المعظمين سلام الله عليهم بهدف تحقيق ذلك والاهتداء إلى الكمال المطلق، والجلال والجمال اللامتناهيين ليس ميسوراً إلّا به، إنّه هو الذي شرف الترابيين (الناس) على الملكوتيين (الملائكة) وما هو أسمى، وما يحصل للترابيين بالسير فيه لا يحصل لأي موجود في جميع أرجاء الخلق في السر والعلن.

أنتم أيُّها الشعب المجاهد تسيرون تحت راية خفاقة في جميع أنحاء العالم المادي والمعنويّ أدركتم ذلك أم لم تدركوا. أنتم تسيرون في طريق هو الصراط الوحيد لجميع الأنبياء عليهم السلام والصراط الوحيد إلى السعادة المطلقة. بهذا الهدف يسعى جميع الأولياء لنيل الشهادة في هذا الصراط ويعتبرون الموت الأحمر أحلى من العسل. وقد تجرع شبانكم جرعة منه في الجبهات فولهوا، وقد تجلى في الأمهات والأخوات والآباء والإخوان، ونحن يجب أن نقول بصدق: “يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً”، هنيئاً لهم ذلك النسيم بهجة القلب وتلك النفحة المثيرة للحماس. ويجب أن نعلم أن طرفاً من هذه التجليات قد ظهر في المزارع المُحرقَة وفي المصانع المجهدة والمعامل الصغيرة وفي مراكز الصناعة والاختراع والإبداع ولدى أكثرية الشعب في الأسواق والشوارع والقرى وكل الأشخاص المتصدين لهذه الأمور الذين يؤدون خدمة من أجل الإسلام والجمهوريّة الإسلاميّة وتقدم البلاد واكتفائها الذاتي، وما دامت روح التعاون والالتزام هذه قائمة في المجتمع فإن بلدنا العزيز مصون إن شاء الله تعالى من أذى الدهر.

وبحمد الله تعالى، فإن الحوزات العلمية والجامعات وشبان مراكز التعليم والتربية الأعزّاء لهم نصيبهم من هذه النفحة الإلهية الغيبية وهذه المراكز مائة في المائة بين أيديهم والأمل بالله، أن لا تصل إليها أيدي المفسدين والمنحرفين.

ووصيّتي للجميع هي أن امضوا قدماً بذكر الله المتعال نحو معرفة النفس والاكتفاء الذاتي والاستقلال بكل أبعاده، ولا شكّ في أنّ يد الله معكم إذا كنتم في خدمته وواصلوا العمل على تطور البلد ورقيه بروح التعاون. وإنّني إزاء ما أراه في الشعب العزيز من اليقظة والوعي والالتزام والتضحية وروح المقاومة والصلابة في سبيل الحق، كلّي أمل أن تنتقل هذه المعاني الإنسانيّة بفضل الله المتعال إلى أجيال الشعب وأن تزداد جيلاً بعد جيل”.

• الجمهوريّة الإسلاميّة تجربة حيّة
إنّ الإمام قدس سره وهو يوجّه مثل هذا النداء مرَّةً إلى مستضعفي العالم، ومرَّةً إلى الشعب الإيرانيّ المسلم، ليقول لهم إنّ تجربة الثورة الإسلاميّة هي تجربة حيَّة، فمن جهة يخاطب المستضعفين في العالم، ويطالبهم بأن يكونوا مثل الشعب الإيراني المسلم، وثانيةً ليقول للشعب الإيرانيّ المسلم إنّ هذا النتاج العظيم هو نتاجكم أنتم، ويجب عليكم كما انتصرتم أن تحافظوا على هذا الانتصار.

الميراث العظيم، دار المعارف الإسلامية الثقافية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock