مقالات

التقوى في مواقع الادارة والحكم

تبلورت مشكلة المجتمعات البشرية في أهم الفترات، في هذه المسألة؛ فكانت المجتمعات تسير نحو التقدم عندما اتصف حكّامها بالحنكة والتدبير والتقوى والشجاعة.

تبلورت مشكلة المجتمعات البشرية في أهم الفترات، في هذه المسألة؛ فكانت المجتمعات تسير نحو التقدم عندما اتصف حكّامها بالحنكة والتدبير والتقوى والشجاعة. وظهرت المشاكل عندما استلم زمام الحكم مديرون وحكام لم يعرفوا للتقوى والعفة معنًى، ولم يكن ضمن مفرداتهم تقديم مصالح الناس على مصالحهم، وغاب خوف الله من وجدانهم -وكانوا ضعاف النفوس، تكبّلهم مصالحهم وشهواتهم- وحلّت بها المشاكل المادية والأخلاقية والمعنوية، وهذا هو سبب خضوع ورضوخ المجتمعات الإسلامية في بعض الفترات التاريخية تحت القوى الظالمة والغاشمة، فحينما بدأ الزحف الاستعماري الغربي على البلدان الإسلامية، لو كان الحكام المسلمون يتمتعون بالدين والعفّة والغيرة والشجاعة، لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولو أنهم لم يكونوا عبيدًا لشهواتهم، ولم يكن همّهم بقاءهم في الحكم أيامًا معدودات، لكان الأمر مختلفًا.

إن ضعف المسلمين والمجتمعات الإسلامية كان في الأغلب ناشئًا من ضعف ساستهم وحكّامهم، وطبعًا هناك تأثير متبادل. [1]

تحصيل التقوى، أهم من تحصيل العلوم
هذه الآية الشريفة التي تُليت، ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾[2] ، قد جعلت الخشية من خصائص العلماء. حسنًا، للعلماء خصائص عديدة، لكن الاختيار وقع على الخشية. فبعد ذكر الآيات الإلهية في الجبل والوادي والصحراء والبستان والهضاب الموجودة في الآيات يقول: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾[3]. إنّ من خاصّية العلم أنّه يشمل الإنسان بهذه النعمة الكبرى، فإنّ الخشية الإلهية تظلّل قلب الإنسان، ويجب علينا أن نحصل عليها. أنتم الشباب يمكنكم أن تقوموا بهذا العمل بيسرٍ أكثر منّي. وعندما يتقدّم العمر بكم مثلي، فإنّ الذي يكون قد قام بهذا العمل في أيّام شبابه سينفعه ذلك، وإلا سيكون عمله صعبًا.
أوجدوا خشية الله في قلوبكم، قوموا اليوم، بتهيئة (مقدمات) الخشوع لله، وفتح أبواب التضرع إلى الله، ابدأوا بالنوافل التي تقربكم من الله، إن هذه الأمور تعود بالنفع عليكم. الأعمار ستنتهي، ويصل البعض إلى الشيخوخة، والبعض الآخر لا يصل. واعلموا أنتم أيضاً، بأن الفاصل الزمني بين عمر العشرين أو الثلاثين أو السبعين قصير، يمر مرّ السحاب، يظن الإنسان عندما يكون في عمر العشرين أو الثلاثين، بأن عمر السبعين بعيد؟ كلا، سيمر مر السحاب، وبعد ذلك المغادرة. فإن كان ولا بد أن نستعدّ في هذه المدة القصيرة وهذه الفرصة القليلة، ونعدّ زاداً أو نقوم بعمل ما أو نغتنم فرصة ما، يجب العمل على ذلك في سن الشباب. أرى أن توصية الطلاب بالخشوع والذكر والتقوى والسعي للتقرب من الله أهم وأوجب من الوصية بالعلم، بالرغم من أن أساس عملهم هو العلم. حيث إنّه لا فائدة من العلم من دون التقوى، وأحياناً يكون] العلم[ مضراً. فهناك من العلماء، علماء دين وغير دين، لم يستفيدوا من علمهم ولم يعودوا بالفائدة به على أحد، لا بل كان وبالاً ووزراً عليهم. لا بدّ إذاً من وجود هذه الروح المعنوية في قلب العلم والعالم. [4]

التقوى، أهم الحاجات في كافة المراحل
تعدّ التقوى من أهم الحاجات في جميع مراحل حياة مجتمع  أو فردٍ ما، وهي أساسية وضرورية في كافة الفترات، سواء كانت فترة نضال وانتصار، أو عند الجهاد، أو البناء أو في مختلف مراحل المجتمع المتدين والأمة المسلمة. اليوم، وبعد مرور 12 سنة من الانتصار[5]، يوجد بين أيدينا تجارب قيّمة، ولقد اكتشفنا القسم الأعظم من الطريق، ورسمنا الأهداف في قالب محدد ومعين، وها نحن نسير باتجاهها. ولربما، يمكننا أن نقول، بأن أكثر ما نحتاجه هو التقوى. [6]

التقوى في كلمات الإمام الخامنئي، مؤسسة الثورة الاسلامية للثقافة والأبحاث (مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي)


[1] في لقاء مع أهالي منطقة باكدشت في ذكرى عيد الغدير 29/1/2005
[2] سورة فاطر، جزء من الآية 28.
[3]  الآية نفسها.
[4] في جمع من علماء دين الشيعة والسنة في كرمانشاه بتاريخ 12/10/2011
[5] انتصار الثورة الإسلاميّة عام 1979م وكلمته في العام 1991م.
[6] في خطبة صلاة الجمعة في طهران بتاريخ 8/2/1991

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock